مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

تعليق على الرسالة الحاكمة

صفحة 314 - الجزء 1

  وانظر إلى عموم قوله: {مِن شَيۡءٖ}، وما المخصص الشرعي؟!.

  ولله دَرُّ كتابِ الله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٩}⁣[الحجرات]. وهذا في محل النزاع.

  والقِسْطُ: العَدْل ما ورد في كتاب الله وسنَّة رسوله ÷.

  وروينا عن أمير المؤمنين # قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ÷ يَقُولُ: «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا؟ قال: «كِتَابُ اللَّهِ: فِيهِ نَبَأُ مَنْ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَينَكُمْ، هو الفَصْلُ لَيْسَ بِالهزْلِ، مَنِ اتَّبَعَ الهدَى مِنْ غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهْوَ الْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهْوَ الذي لا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَلا تَشْبَعُ مِنْهُ العَلَمَاءُ، وَلا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ».

  وفي رواية: «مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إلى الجنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إلى النَّارِ».

  وروي عن جابر ¥(⁣١) أَنَّ رسولَ اللَّهِ ÷ كان إذا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وعَلَا صَوْتُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ»، ويقول: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، ويفرق بين أصابعه السبابة والوسطى، ويقول: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ÷».

  فهذه القطعية وما دلت عليه فهو إجماعُ الأمة كَمَا شَرَحناه.

  وهذا عَلَى فرضِ أَنَّ مَحَلَّ النِّزاعِ قطعيٌّ، وقد نَصُّوا أَنَّ اختلافَ الأَئِمَّةِ، والمعارضةَ


(١) روي هذا الحديث بألفاظ متقاربة، وممن رواه الإمام المرشد بالله # في الأمالي الخميسية (٢/ ٢٥٧).