مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

تعليقات وردود مع ابن حجر في فتح الباري

صفحة 328 - الجزء 1

  قِصَّةِ عَلِيٍّ عَلَى الْبَابِ الْحَقِيقِيِّ، وَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْبَابِ الْمَجَازِيِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَوْخَةُ، كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِسَدِّ الأَبْوَابِ سَدُّوهَا وَأَحْدَثُوا خِوَخًا يَسْتَقْرِبُونَ الدُّخُولَ إِلَى الْمَسْجِدِ مِنْهَا، فَأُمِرُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِسَدِّهَا».

  قُلْتُ: قَوْلُهُ: «يَسْتَقْرِبُونَ الدُّخُولَ»، تَوَصُّلٌ إِلَى جَعْلِهَا فِي مَعْنَى (البَابِ)؛ لِتَمْشِيَةِ رِوَايَتِهِ، وَلِتَكُونَ مُقَارِبَةً لِبَابِ عَلِيٍّ #، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَصْلًا، فَلَو كَانَتْ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ للأَمْرِ بِسَدِّ الأَبْوَابِ ثَمَرَةٌ أَصْلًا، وَلَكَانَ يَقُولُ بِتَصْغِيرِ الأَبْوَابِ لَا بِسَدِّهَا.

  قَالَ: «فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَا بَأْسَ بِهَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَبِهَا جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي (مُشْكِلِ الآثَارِ)⁣(⁣١)، وَهْوَ فِي أَوَائِلِ الثُّلُثِ الثَّالِثِ مِنْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ فِي (مَعَانِي الأَخْبَارِ)⁣(⁣٢)، وَصَرَّحَ بِأَنَّ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ لَهُ بَابٌ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَخَوْخَةٌ إِلَى دَاخِلِ الْمَسْجِدِ، وَبَيْتُ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ إِلَّا مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ».

  قُلْتُ: وَقَد اسْتَوْفَيْتُ الرِّوَايَاتِ وَالْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فِي كِتَابِ (لَوَامِعِ الأَنْوَارِ) - نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ -⁣(⁣٣)، وَمَا هَذِهِ إلَّا عُجَالَةُ سَفَرٍ، فَمَنْ أَرَادَ الاسْتِكْمَالَ فِي هَذَا البَابِ وَغَيْرِهِ فَلْيُرَاجِعْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَفِيهِ بُغْيَةُ الرَّائِد، وَضَالَّةُ النَّاشِد⁣(⁣٤).


(١) (شرح مشكل الآثار) للطحاوي (٩/ ١٩٠).

(٢) (بحر الفوائد) المشهور (بمعاني الأخبار) لأبي بكر الكَلاباذي (١/ ٢٢٧). ط: (دار السلام)، و (ص/١٠٤). ط: (دار الكتب العلمية).

(٣) (لوامع الأنوار) (الفصل الأول) (ط ١/ ١/١١٦)، (ط ٢/ ١/١٦٢)، (ط ٣/ ١/٢٣٠).

(٤) وقال ابن حجر في (القول المسدد): «فهذه الطرق المتظاهرة من روايات الثقات تدل على أن الحديث صحيح دلالة قوية، وهذه غاية نظر الْمُحَدِّثِ ... ، فكيف يدَّعي [ابن الجوزي] الوضعَ على الأَحاديث الصحيحة؛ بمجرد هذا التوهم، ولو فُتِحَ هذا الباب لِرَدِّ الأَحاديث لادُّعِي - في كثير من الأحاديث الصحيحة - البطلان، ولكن يأبى اللَّهُ ذلك والمؤمنون»، وقال ابن حجر في (أجوبته عن =