مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[الكلام على رواية البخاري عن ابن عباس في اعتراضه إحراق أمير المؤمنين # الزنادقة بالنار]

صفحة 340 - الجزء 1

  قُلْتُ: أَمَّا الَّذِينَ قَتَلوا عُثْمَانَ فَمِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ وَالظُّلْمِ!

  وَأَمَّا الَّذِينَ قَاتَلُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ # بِصِفِّينَ، وَقَاتَلُوا الْحَسَنَيْنِ @، وَحَرِصُوا عَلَى قَتْلِهِمْ، وَقَتَلوا عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ الَّذِي تَوَاتَرَتِ الأَخْبَارُ أَنَّهَا تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ، وقَتَلوا خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ، وَأُوَيسَ الْقَرَنِيَّ سَيِّدَ التَّابِعِينَ، وَالأُلُوفَ الْمُؤَلَّفَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - فَهُمْ عِنْدَ الشَّيْخِ وَأَصْحَابِهِ مُسْلِمُونَ مُجْتَهِدُونَ مَأجُورونَ! وَلِهَذَا قَالَ: «ولَمَّا اقْتَتَلَ الْمُسْلِمُونَ» لِيَعُمَّهُم جَمِيعًا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ فَي قَتَلَةِ عُثْمَانَ إِنَّهُم أَهْلُ فِتْنَةٍ أَوْ ظُلْمٍ. سُبْحَانَ اللَّهِ! كَيْفَ يَصْنَعُ الْهَوَى بِأَهْلِهِ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ⁣(⁣١).

  *******

  وَذَكَرَ أَنَّ الشِّيعَةَ ثَلَاثُ طَوَائِفَ:

  قَالَ: «طَائِفَةٌ تَقُولُ: إِنَّهُ إلَهٌ، وَهَؤُلَاءِ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ».

  قُلْتُ: هَذِهِ الطَّائِفَةُ لَا تُعَدُّ مِنْ فِرَقِ الشِّيعَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَهْيَ خَارِجَةٌ عَنِ الإِسْلَامِ بِإِجْمَاعِ الأَنَامِ.

[الكلام على رواية البخاري عن ابن عباس في اعتراضه إحراق أمير المؤمنين # الزنادقة بالنار]

  ثُمَّ قَالَ فِي (صفح ٣٣): «وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ⁣(⁣٢) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ بِزَنَادِقَةٍ فَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ، وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ ÷ أَنْ يُعَذَّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَلَضَرَبْتُ أَعْنَاقَهُمْ؛ لِقَوْلِهِ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»⁣(⁣٣)». إلخ.


(١) ونحوه ما قاله في (المنهاج) (٨/ ٢٣٤): «الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عُثْمَانَ طَائِفَةٌ مِنْ أَوْبَاشِ النَّاسِ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَكَثِيرٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ لَمْ يَتَّبِعُوهُ وَلَمْ يُبَايِعُوهُ، وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ قَاتَلُوه».

(٢) صحيح البخاري برقم (٦٩٢٢)، وطرفه برقم (٣٠١٧)، ط: (العصرية).

(٣) وذكره في (منهاج سنته) (٧/ ٥٣٦) ط: (الدكتور محمد رشاد سالم).