مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع ابن تيمية

صفحة 357 - الجزء 1

  قُلْتُ: وَلَهُمْ حُجَّةٌ عَلَى إِثْبَاتِهِ قَوْلُ الشَّرِيفِ الرَّضِيِّ فِي أَبْيَاتِهِ الْمَشْهُورَةِ⁣(⁣١):

  أَحْمِلُ الضَّيْمَ فِي بِلَادِ الأَعَادِي ... وَبِمِصْرَ الْخَلِيفَةُ العَلَوِيُّ

  فَهْوَ أَخَصُّ وَأَعْرَفُ، وَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ يُوجِبُ نَفْيَ النَّسَبِ.

  وَقَد اتَّضَحَ أَنَّ نَفْيَ نَسَبِهِم كَانَ مُصَانَعَةً للدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّة. فَتَدَبَّرْ⁣(⁣٢).

  وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ مَا يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ مِنْ مَذْهَبِ القَرَامِطَةِ البَاطِنِيَّةِ بِطُرُقٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا يُصَدَّقُونَ فِي افْتِرَائِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانُوا يَسْتَمدُّونَ الولَايَةَ مِنْهُم، وَلكِنَّهُم كَانُوا مَتَى تَمَكَّنُوا نَبَذُوا وَلَايَتَهُمْ، وَأَظْهَروا الإِلْحَادَ وَالإِبَاحِيَّةَ، كَمَا فَعَلَ الْجَنَابِيُّ صَاحِبُ الْحَسَا، وكَمَا فَعَلَ ابنُ فَضْلٍ القُرْمُطِيُّ بِاليَمَنِ، وَغَيْرُهُمَا فِي سَائِرِ الأَقْطَارِ.

  وَقَدْ تَكَلَّمَ الْعَقَّادُ فِي كِتَابِهِ⁣(⁣٣) عَنْ هَذَا الشَّأنِ.

  إِلَّا أنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى إِثْبَاتِ النَّسَبِ العَلَوِيِّ: نَفْيُ الأَئِمَّةِ الأَثْبَاتِ أَهْلِ الاطِّلَاعِ وَالْوَرَعِ لِنِسْبَتِهِم، مِنْهُم الإِمَامُ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالإِمَامُ الْمَنْصُورُ بِاللَّهِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ حَمْزَةَ، وَالإِمَامُ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ $، وَغَيْرُهُم.

  وَأَمَّا أَبْيَاتُ الشَّرِيفِ الرَّضِيِّ فَقَدْ رَوَى فِي (شَرْحِ النَّهْجِ)⁣(⁣٤) أنَّهُ أَنْكَرَهَا.

  وَأَمَّا نَفْيُ مَذْهِبِ البَاطِنِيَّةِ عَنْهُم فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُم كَانُوا يَمُدُّونَهُم بِالوَلَايَةِ، وَيُعِينُونَهُم عَلَى مُحَارَبَةِ أَئِمَّةِ الْهُدَى فِي اليَمَنِ مِنْ أَيَّامِ الإِمَامِ الهَادِي #، حَتَّى


(١) (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد (١/ ٣٧)، (اتعاظ الحنفا) للمقريزي (١/ ١٢٤)، ط: (دار الكتب العلمية).

(٢) وهكذا عملاء الدول، المعارضين لأهل البيت $، لا يزالون يقدحون في أنسابهم متى غلبوهم وقهروهم، يلجؤن إلى نفي النسب؛ خوفًا منهم، وهذا يدل على علوّ شأنهم، وارتفاع مكانهم، كما قال الشاعر:

لَوْ لَم يَكُنْ لَكَ فِي القُلُوبِ جَلَالَةٌ ... لَم يَقْدَحِ الأَعْدَاءُ فِيْكَ وَيَجْرَحُوا

فمثل هذا القدح لا قيمة له. تمت من والدنا المؤلّف (ع).

(٣) في كتابه (فاطمة الزهراء والفاطميون) (ص/٦٢)، ط: (نهضة مصر).

(٤) شرح النهج (١/ ٣٨).