مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع العامري في بهجة المحافل

صفحة 418 - الجزء 1

  وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا⁣(⁣١) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ÷ فِي مَرَضِهِ: «ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ»، إلخ.

  قُلْتُ: يُقَالُ: لَو كَانَ مِنْ هَذَا شَيءٌ لَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو بِكْرٍ وَعُمَرُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ، فَقَدْ كَانَا فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَادَتِ الْفِتْنَةُ أَنْ تَثُورَ، وَلَمْ يَحْتَجَّ أَبُو بَكْرٍ إِلَّا بِالقُرْبِ مِنَ الرَّسُولِ ÷ كَمَا ذَلِكَ مَأثُورٌ، وَلِهَذَا قَالَ الوَصِيُّ #: (احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ، وَأَضَاعُوا الثَّمَرَةَ).

  وَلَوْ كَانَ مِنْ هَذَا شَيءٌ مَا تَأَخَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ #، وَكَافَّةُ بَنِي هَاشِمٍ، وَأَعْلَامُ السَّابِقِينَ عَنْ بَيْعَتِهِم يَوْمَ السَّقِيفَةِ، وَهْوَ مَعَ الْحَقِّ وَالقُرْآنِ، وَالْحَقُّ وَالْقُرْآنُ مَعَهُ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالنَّصِّ النَّبَوِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ⁣(⁣٢).

  وَلَوْ كَانَ مِنْ هَذَا شَيءٌ مَا تَأَخَّرَ لَحْظَةً وَاحِدَةً، كَيْفَ وَقَد اعْتَزَلَهُم سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِرِوَايَةِ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ⁣(⁣٣)، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَدْ لُفِّقَتْ مِثْلُ هَذِهِ التُّرَّهَاتِ، وَدُسَّتْ فِي الصِّحَاحِ.

  وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ الآحَادِيَّانِ الْمَرْوِيَّانِ عَنْ عَائِشَةَ لَا يُقَاوِمَانِ عُشْرَ مِعْشَارِ الوَارِدِ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #، لَا رِوَايَةً وَلَا دَلَالَةً، كَخَبَرِ الْغَدِيرِ الْمُتَواتِرِ، الَّذِي جَمَعَ فِيهِ الرَّسُولُ ÷ الْحَجِيجَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَخَطَبَهُم فِيهِ، وَبَلَّغَهُمْ عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ، وَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ،


(١) مسلم برقم (٦١٨١)، ط: (العصرية).

(٢) بين الفريقين الشيعة والسنة.

(٣) البخاري برقم (٤٢٤٠)، (كتاب المغازي)، وبرقم (٣٠٩٢)، (كتاب فرض الخمُس)، وغير ذلك، ط: (المكتبة العصريّة). مسلم برقم (١٧٥٩)، (كتاب الجهاد والسير)، ط: (دار ابن حزم)، وبرقم (٤٥٨٠) من طبعة (العصرية). ورواه أحمد بن حنبل في (المسند) (١/ ١٧٩)، رقم (٢٥)، تحقيق: (شاكر)، وابنُ حبان في (١١/ ١٥٢)، برقم (٤٨٢٣)، تحقيق: (الأرنؤوط)، ط: (مؤسسة الرسالة)، والبيهقيُّ في (السنن الكبرى) (٦/ ٣٠٠)، وغيرهم.

انظر لوامع الأنوار الفصل الثاني للإمام الحجة/ مجدالدين المؤيدي # ج ١/ ٢٦٧/ط ٢، ج ١/ ٤٢٠/ط ٣.