مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع الجلال في فيض الشعاع

صفحة 467 - الجزء 1

  شَكّٖ}⁣(⁣١)، وَلَا كَانَ لِذَلِكَ مَعْنَى.

  وَهَذَا تَنْبِيهٌ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَام، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالإِنْعَام.

  وَفِي (صفح - ٤٦) مِنْهُ، قَوْلُهُ: «وَقَدْ طَالَ هَذَا البَحْثُ ...» إلخ.

  قُلْتُ: وَلَكِنَّهُ بِغَيْرِ طَائِل، بَلْ هُوَ أَشْبَهُ شَيءٍ بِلَمْعِ السَّرَابِ الزَّائِل، فَالْمَعْلُومُ بِالضَّرُورَةِ الَّتِي لَا تَنْتَفِي بِشَكٍّ وَلَا شُبْهَةٍ أَنَّ الْمُعْجِزَ لَا يَحْصُلُ العِلْمُ بِهِ الضَّرُورِي، وَإِلَّا لَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُقَلَاءُ، وَلَا كَذَّبَ بِهِ أَكْثَرُ الأُمَمِ.

  وَلَوُ فُرِضَ وَقُدِّرَ - عَلَى اسْتِحَالَتِهِ - أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ ø ضَرُورَةً فَلَا يَدُلُّ قَطْعًا عَلَى عَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَلَا عَلَى صِدْقِ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ.

  وَلَوُ كَانَ يَدُلُّ بِالضَّرُورَةِ لَمَا وَجَبَتِ الْمَعْرِفَةُ عَلَى الْخَلْقِ؛ إِذ الضَّرُورِيَّةُ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَمَا جَازَ تَوَجُّهُ اللَّوْمِ عَلَى كَافِرٍ بِاللَّهِ تَعَالَى لِعَدَمِ عِلْمِهِ أَصْلًا.

  وَقَدْ لَاوَذَ الْمُصَنِّفُ لِلْتَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي (صفح - ٤٣): «وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا ضَرُورَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى شَرْطٍ عَادِيٍّ هُوَ الالْتِفَاتُ إِلَى دَلَالَةِ الأَنْفُسِ وَالآفَاقِ وَالْمُعْجِزَاتِ» ... إلخ.

  قُلْتُ: وَلَكِنَّهُا مُلَاوَذَةٌ غَيْرُ مُخَلِّصَةٍ.

  وَكَذَا قَوْلُهُ فِي هَذَا الصَّفْحِ: «وَلَوْ سُلِّمَ بَقَاءُ تَجْوِيزِ الْكَذِبِ ...» إلخ.

  قُلْتُ: يُقَالُ: فَكَيْفَ تَكُونُ الثِّقَةُ وَالْقَطْعُ بِالصِّدْقِ مَعَ التَّجْوِيزِ لِخِلَافِهِ؟ وَكَيْفَ يُوصَفُ بِالإِيمَانِ مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ جَزْمٌ مِنْ تَصْدِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِم؟

  وَهَكَذَا عِنْدَ التَّحْقِيقِ يَتَّضِحُ بُطْلَانُ أَكْثَرِ مَا هَذَى بِهِ وَقَعْقَعَ الْمُؤَلِّفُ كَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.


(١) قال تعالى: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٠٤}⁣[يونس].