مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد
  هَذَا مَعْلُومٌ ضَرُورَةً.
  وَأَيْضًا: مَسَائِلُ الاِجْتِهَادِ لَيْسَتْ عَلَيْهَا نُصُوصٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
  وَالْوَاقِعُ أَنْ لَيْسَ غَرَضُ السَّائِلِ وَلَا الْمُجِيبِ إِلَّا الْحُكْمَ الَّذِي حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، إِمَّا بِالنَّصِّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَوْ بِاجْتِهَادِ مَنْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الاِجْتِهَادَ.
  فَالدَّعْوَى عَلَيْهِم بِأَنَّهُم يُرِيدُونَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الاِفْتِرَاءِ وَالْبُهْتَانِ الْعَظِيمِ.
  (٣) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٢٠ - السطر ١٤)(١): «وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُرْشِدْهُمْ ÷ فِي حَدِيثِ صَاحِبِ الشُّجَّةِ(٢) إِلَى السُّؤَالِ عَنْ آرَاءِ الرِّجَالِ»، إِلخ كَلاَمِهِ.
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: يُقَالُ: مَا تُرِيدُ بِآرَاءِ الرِّجَالِ؟! إِنْ قَصَدْتَ آرَاءَهُم الَّتِي لَا مُسْتَنَدَ لَهَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَلَيْهَا، وَأَيُّ مُسْلِمٍ يَقُولُ ذَلِكَ، أَوْ يَدْعُو إِلَيْهِ؟!
  وَمَنِ ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ قَصَدُوا ذَلِكَ فَقَدْ حَمَلَ ظُلْمًا وَزُورًا.
  وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ آرَاءَهُم الَّتِي تَحَصَّلَتْ لَهُمْ مِنَ النَّظَرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ÷ فَهْيَ الْمَسْئُولُ عَنْهَا قَطْعًا، وَهْيَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كلَّفَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَا، وَرَسُولُهُ ÷، فَلِأَيِّ شَيءٍ هَذِهِ الْقَعْقَعَةُ وَالتَّهْوِيلُ، بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَا دَلِيلٍ.
  (٤) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٢١ - السَّطر ٤)(٣): «وَالْمُقَلِّدُ كَمَا عَرَفْتَ سَابِقًا لَا يَكُونُ مُقَلِّدًا إِلَّا إِذَا لَمْ يَسْأَلْ عَنِ الدَّلِيلِ، أَمَّا إِذَا سَأَلَ عَنْهُ فَلَيْسَ بِمُقَلِّدٍ»، إِلخ كَلاَمِهِ.
(١) وفي (ص/٣١)، ط: (مكتبة الساعي).
(٢) حديث صاحب الشُّجَّة رواه كثير من المحدثين، منهم: أبو داود في سننه (١/ ٩٣)، رقم (٣٣٦)، ط: (المكتبة العصريَّة)، عن جابر قال: «خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ÷ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ ...»».
(٣) (ص/٣٢)، من ط: (مكتبة الساعي).