مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد
  ثُمَّ يُقَالُ لَهُ بَعْدُ: إِذَا كُنْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ تُجِيزُ ذَلِكَ لِهَذِهِ الأَخْبَارِ الآحَادِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، فَلِمَ لَا تُجِيزُهُ لِلآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ(١)، وَالأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا قَوْلُهُ ÷: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا مِنْ بَعْدِي أَبَدًا: كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي ...».
  دَعْ عَنْكَ أَخْبَارَ السَّفِينَةِ(٢)، وَالنُّجُومِ وَالأَمَانِ، وَغَيْرِهَا الَّتِي هِيَ أَصَحُّ وَأَصْرَحُ مِمَّا ذَكَرْتَ.
  أَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُفِيدُ الْعَمَلَ بِمَا سَنُّوهُ وَالاِقْتِدَاءَ بِهِ؟! بَلَى وَاللَّهِ، وَلَكِنْ:
  لِهَوَى النُّفُوسِ سَرِيرَةٌ لَا تُعْلَمُ
  فَلِمَ لَا تَقْتَدِي أَيُّهَا الشَّيْخُ، وَتَمْتَثِلُ بِأَقْوَالِهِ تِلْكَ كَمَا زَعَمْتَ أَنَّكَ تَقْتَدِي وَتَمْتَثِلُ بِقَوْلِهِ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي»، إلخ.
  وَجَمِيعُ مَا طَوَّلَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُجْدِيهِ نَفْعًا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْمُغَالَطَةِ الَّتِي يُرَاوِغُ بِهَا عِنْدَ أَنْ تَقْهَرَهُ الْحُجَّةُ، فَقَد انْتُقِضَ عَلَيْهِ القَوْلُ بِتَحْرِيمِ التَّقْلِيدِ وَالْمُتَابَعَةِ، وَالأَخْذِ بِآرَاءِ الرِّجَالِ.
  (١١) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٢٩ - السطر ١٠)(٣): «بَلِ النُّسْبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَالنُّسْبَةِ بَيْنَ الثَّرَى وَالثُّرَيَّا»، إِلَى آخِرِ كَلاَمِهِ.
(١) كقوله تعالى: {فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٤٣}[النحل]، وآية التطهير، والمودة، والاجتباء، والاصطفاء، وقوله تعالى {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩}[التوبة]، وغير ذلك.
(٢) حديث السفينة هذا من الأخبار المعلومة لدى أهل البيت $، لا يختلفون في صِحَّتِهِ أبدًا، وأنَّ الأمرَ في هذا كما قال الإمام الحجة المنصور بالله ربِّ العالمين القاسم بن محمد $ في كتاب (الأساس) (ط ١/ص ٢٠٧) - بعد أن رواه -: «وهذا الخبر مُجْمَعٌ على صحته أيضًا عند علماء آل الرسول À، وشيعتهم، وأهل التحقيق من غيرهم».
وقد استوفى تخريجه الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في (لوامع الأنوار - الفصل الأول) (ط ١/ ١/٩٣)، (ط ٢/ ١/١٣٢)، (ط ٣/ ١/١٨٣).
(٣) (ص/٣٨)، (مكتبة الساعي).