مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد

صفحة 485 - الجزء 1

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: أَلَيْسَ خَبَرُ التَّمَسُّكِ بِالثَّقَلَيْنِ، وَالْكِسَاءِ، وَالسَّفِينَةِ وَالنُّجُومِ، تُفِيدُ مَا أَفَادَهُ هَذَا الْخَبَرُ الآحَادِيُّ؟!

  أَلَيْسَ رَفْضُهَا وَعَدَمُ النَّظَرِ فِيهَا مِنَ الرَّمْيِ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷ وَرَاءَ الْحَائِطِ؟!

  مَعَ أَنَّ قَصْرَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عَلَى الْخُلَفَاءِ الأَرْبَعَةِ وَحْدَهُمْ مِمَّا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ، وَلَا وَرَدَتْ بِهِ سُنَّةٌ وَلَا قُرْآن.

  وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَقَدْ سَقَطَ جَمِيعُ مَا قَعْقَعَ بِهِ مِنَ الْهَذَيَانِ، مَعَ أَنَّهُ عِنْدَ أُولِي الأَلْبَابِ أَشْبَهُ بِلَمْعِ السَّرَابِ.

  (١٢) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٢٩ - السطر ١٣)⁣(⁣١): «وَلَيْتَكُمْ قَلَّدْتُم الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ لِهَذَا الدَّلِيل».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ الَّذِي مَنَعَهُ وَحَرَّمَهُ وَجَعَلَهُ مِن اتِّخَاذِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ، إِلَى آخِرِهِ.

  وَلَمْ يَبْقَ النِّزَاعُ عِنْدَهُ إِلَّا فِي مَنْ يَكُونُ الْمُقَلَّد.

  وَيُقَالُ لَهُ أَوَّلًا: لِمَاذَا لَا يَلْحَقُ بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ - الَّذِينَ ثَبَتَ عِنْدَكَ جَوَازُ تَقْلِيدِهِمْ لِأَجْلِ خَبَرٍ وَاحِدٍ آحَادِيٍّ مُخْتَلَفٍ فِي صِحَّتِهِ - مَنْ وَرَدَتِ الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ الْمُجْمَعُ عَلَى صِحَّتِهَا بِوُجُوبِ التَّمَسُّكِ بِهِمْ، وَتَشْبِيهِهِمْ بِسَفِينَةِ نُوحٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا يُحَاطُ بِهِ كَثْرَةً كِتَابًا وَسُنَّةً.

  وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَإِذَا قَدْ ثَبَتَ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ثَبَتَ جَوَازُ تَقْلِيدِ سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ بِالإِجْمَاعِ؛ إِذْ لَمْ يَقُلْ قَائِلٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ÷ بِجَوَازِ تَقْلِيدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَقَدِ انْتَقَضَ بِذَلِكَ الَمْنَعُ مِنَ التَّقْلِيدِ قَطْعًا، وَبَطَلَتْ جَمِيعُ الشُّبَهِ الَّتِي تَمَسَّكْتَ بِهَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ.


(١) (ص/٣٨)، (مكتبة الساعي).