مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد
  مَعَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ عَامٌّ شَامِلٌ لِكُلِّ خَلِيفَةٍ رَاشِدٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
  فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ مِنْ هَذَا التَّلَوُّنِ وَالتَّخَبُّطِ الَّذِي لَا يَصْدُرُ مِثْلُهُ مِمَّنْ لَهُ مُسْكَةٌ مِنَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
  (١٣) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٣١ - السطر ٢)(١): «فَإِنْ كَانَ مَا تُقَلِّدُونَهُ مِنْهُم احْتَجْنَا إِلَى الْكَلَامِ مَعَكُمْ، وَإِنْ كَانَ مَنْ تُقَلِّدُونَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَاتْرُكُوا مَا لَيْسَ لَكُمْ، وَدَعُوا الْكَلَامَ عَلَى مَنَاقِبِ خَيْرِ الْقُرُونِ ...»، إِلَى قَوْلِهِ: «فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ(٢) لَوْ صَحَّ لَكَانَ الأَخْذُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ لَيْسَ إِلَّا لِكَوْنِهِ ÷ أَرْشَدَنَا إِلَى أَنَّ الاِقْتِدَاءَ بِأَحَدِهِمْ أَهْدَى. فَنَحْنُ إِنِّمَا امْتَثَلْنَا إِرْشَادَ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَعَمِلْنَا عَلَى قَوْلِهِ، وَتَبِعْنَا سُنَّتَهُ، ...».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: يُقَالُ: إِنَّكَ جَعَلْتَ التَّقْلِيدَ مَذْمُومًا عَلَى الْعُمُومِ، وَمَمْنُوعًا عَلَى الإِطْلَاقِ، وَأَنَّهُ هَجْرٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلَا مَعْنَى بَعْدَ ذَلِكَ لإِبْدَاءِ أَيِّ الفَوَارِقِ بَيْنَ تَقْلِيدٍ وَتَقْلِيدٍ.
  وَبَعْدَ هَذَا، فَالْمُقَلِّدُونَ لِأَئِمَّةِ الْهُدَى يَقُولُونَ: وَنَحْنُ إِنَّمَا امْتَثَلْنَا إِرْشَادَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ بِالرَّدِّ إِلَى أُولِي الأَمْرِ، حَيْثُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: {وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ}[النساء: ٨٣]، {أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ}[النساء: ٥٩]، {فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٤٣}[النحل] {فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ}[التوبة: ١٢٢]، فَلَمْ يُوجِبِ النَّفِيرَ وَالتَّفَقُّهَ عَلَى الْجَمِيعِ، بَل اكْتَفَى لِلْنَّفِيرِ الطَّائِفَة.
  وَامْتَثَلْنَا إِرْشَادَ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَسُولِ اللَّهِ ÷ بِالتَّمَسُّكِ بِالثَّقَلَيْنِ: الْكِتَابِ وَالْعِتْرَةِ، كَمَا هُوَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، الَّذِي رَوَاهُ أَغْلَبُ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ، وَأَخْرَجَهُ
(١) (ص/٣٩).
(٢) وهو حديث «أصحابي كالنجوم، ...».