مع الشوكاني في القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد
  أَوَ لَا تَثْبُتُ بِالآيَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَالأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الرَّسُولِ الأَمِينِ ÷، وَلِسَائِرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَزِيَّةٌ؟!
  أَمْ يَكُونُ الأَخْذُ بِهَا مِنَ الاِفْتِرَاءِ وَالتَّقَوُّلِ؟ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
  (١٤) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ (ص ٣٢ - السطر ١١)(١): «فَالاِقْتِدَاءُ بِهِمْ هُوَ اقْتِدَاءٌ بِرَسُولِ اللَّهِ ÷، وَالاِسْتِنَانُ بِسُنَّتِهِمْ هُوَ اسْتِنَانٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷». إِلخ كَلامِهِ.
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: اللَّهُ أَكْبَرُ! هَذَا إِغْرَاقٌ وَإِفْرَاطٌ، وَغُلُوٌّ وَتَجَاوُزٌ لِلْحَدِّ، لَمْ يَقُلْ بِهِ قَبْلَهُ قَائِلٌ، وَلاَ سَبَقَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلَامِ فِيمَا نَعْلَمُ.
  فَعَلَى هَذَا أَيَكُونُ عِنْدَكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ كُلَّمَا قَالُوهُ أَوْ فَعَلُوهُ سُنَّةً ثَانِيَة عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷؟! بَلْ هُوَ صَرِيحُ كَلاَمِكَ هَذَا، فَقَدْ جَاوَزْتَ القَولَ بِعِصْمَتِهْمِ بِكَثِيرٍ.
  بَيْنَمَا أَنْتَ تُحَرِّمُ التَّقْلِيدَ إِذَا بِكَ تَجْعَلُ قَوْلَ كُلِّ صَحَابِيٍّ وَخَلِيفَةٍ رَاشِدٍ وَفِعْلَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً لِرَسُولِ اللَّهِ ÷.
  فَيَكُونُ سُنَّةً ثَانِيَةً وَاجِبَةَ الاِتِّبَاعِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ مُجْتَهِدٍ وَغَيْرِهِ.
  وَالْمَعْلُومُ ضَرُورَةً أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَهِدُونَ وَيُخْطِئونَ، وَيُخَطِّي بَعْضُهُم بَعْضًا(٢)، وَلَمْ يَدَّعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَلَا ادَّعَاهُ لَهُمْ غَيْرُهُمْ قَبْلَ الشَّيْخِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
  فَانْظُرْ إِلَى أَيِّ حَدِّ يَبْلُغُ بِصَاحِبِهِ الْجِدَالُ بِالْبَاطِلِ - نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلاَنِ -.
(١) (ص/٤٠)، (مكتبة الساعي).
(٢) قد تقدم النقل عن ابن تيمية في ذلك، فارجع إليه موفقًا.