مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مع القاضي العلامة الحافظ الحسين بن أحمد السياغي في كتاب الروض النضير

صفحة 511 - الجزء 1

  الْمَهْدِيُّ لِدِينِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمُرْتَضَى $ فِي (الْمِنْهَاجِ شَرْحِ الْمِعْيَارِ)⁣(⁣١):

  وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ آحَادِيٌّ، وَيَتَضَمَّنُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّشْبِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَهُ مَوضُوعٌ.

  وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي النَّسْخَ قَبْلَ إِمْكَانِ فِعْلِهِ، وَقَبْلَ إِمْكَانِ العِلْمِ بِالتَّكْلِيفِ بِهِ، وَالْخَصْمُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ فَائِدَةَ النَّسْخِ قَبْلَ إِمْكَانِ العَمَلِ إِيجَابَ العَزْمِ وَالاِعْتِقَادِ لِوُجُوبِهِ، وَهَذَا يَرْفَعُ الفَائِدَةَ بِالْمَرَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُجَوِّزُهُ الخَصْمُ.

  قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الخَبَرُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ قَدْ فَرَضَ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ، وَلَا أَمَرَ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْجَزْمِ، بَلْ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَى أُمَّتِهِ التَّكْلِيفَ بِالْخَمْسِينَ، فَلَمَّا أَخْبَرَ مُوسَى فَهِمَ أَنَّهَا تَثْقُلُ عَلَيْهِمْ، فَأَشَارَ بِمَا أَشَارَ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى الْخَمْسِ فَحَتَمَهَا وَأَمْضَاهَا، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي آخِرِ الْخَبَرِ أَنَّهُ قَالَ: وَأَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، هِيَ خَمْسٌ، وَهُنَّ خَمْسُونَ، وَهْوَ مَحْمَلٌ حَسَنٌ. إِلَى آخِرِ كَلَامِ الإِمَامِ #.

  قُلْتُ: وَالأَمْرُ بِالْعَرْضِ عَلَى الأُمَّةِ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ - عَلَى فَرْضِ الصِّحَّةِ - عَلَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى اخْتِيَارِ الرَّسُولِ ÷ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ، لِئَلَّا يَعُودَ الإِشْكَالُ بِلُزُومِ النَّسْخُ فِيهِ قَبْلَ إِمْكَانِ العَمَلِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوفِيقِ.

  (٢١) وَفِي (الرَّوْضِ) (ط ٢، ج ٢، ص ٢٨٢، س ١٩):

  «قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ، وَإِلَّا فَأَوْمِي»».

  قَالَ مَوْلَانَا الْإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: أَوْمَأَ: مَهْمُوزٌ، فَهْوَ مَجْزُومٌ


(١) (منهاج الوصول إلى معيار العقول في علم الأصول) للإمام المهدي # (ص/٤٤٣).