[الرد على دعوى أبي بكر بن مجاهد الإجماع على عدم الخروج على الظلمة]
  الأَخْبَارِ، بِزَعْمِ مَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ، وَخَرَجَ عَنْ سَفِينَةِ النَّجَاة، وَلَا غَرْوَ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ نَبَوِيَّةٌ: «وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ».
  وَلِذَا قَالَ ÷: «أَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ مِنَ الاخْتِلَافِ، فَإِذَا خَالَفَتْهَا قَبِيلَةٌ صَارُوا حِزْبَ الشَّيْطَانِ»، أَوْ نَحْو هَذَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ(١)، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
  وَسَيَجِيء الْحَدِيثُ فِي الأَصْلِ عَنْ عَلِيٍّ(٢): (حَقٌّ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَأَنْ يَعْدِلَ فِي الرَّعِيَّةِ؛ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْمَعُوا وَأَنْ يُطِيعُوا، وَأَنْ يُجِيبُوا إِذَا دُعُوا، وَأيُّمَا إِمَامٍ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَلَا طَاعَةَ لَهُ)(٣).
  فَلِمَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الأَخْبَارِ بِقَوْلِ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَبَابِ الْحُكْمِ، وَالْمُبَيِّنِ لِلأُمَّةِ، الضَّالُّ مَنْ خَالَفَهُ؟!، وَقَدْ قَالَ ÷: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَالَفَ عَلِيًّا»، رَوَاهُ القَاسِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ(٤).
  وَقَالَ فِيهِ: «وَلَا تُخَالِفُوهُ فِي حُكْمِهِ»، رَوَاهُ الْكَنْجِيُّ(٥)، وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ.
(١) روى الحاكم في (المستدرك) (٣/ ١٦٢) رقم (٤٧١٥) بإسناده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ® قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «النُّجُومُ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ، وَأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَإِذَا خَالَفَتْهَا قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ اخْتَلَفُوا فَصَارُوا حِزْبَ إِبْلِيسَ». قال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ».
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (المسند) (ص/٣٦٢).
(٣) قال الحافظ السيوطي في (جمع الجوامع) (١٨/ ٥٩) رقم (١٤٧٠)، ط: (الأزهر) عن علي، قال: (حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدى الأمانة، فإذا فعل ذلك فحقٌّ على الناس أن يسمعوا له، وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا) (الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن زنجويه فى (الأموال)، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم).
(٤) (الكامل المنير) (ص/٩٠).
(٥) (مناقب علي بن أبي طالب) للكنجي (ص/١١٤) (الباب التاسع عشر)، وقال: «رواه أبو عيسى الحافظ كما أخرجناه».