فتاوى وبحوث فقهية
  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «كُلُّ مُتَبَايِعَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، أَو يَكُونُ خِيَارٌ»(١).
  وَيَلْزَمُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ حَيْثُ يَكُونَانِ مَحْبُوسَيْنِ وَلَمْ يَكُنِ الْمَبِيعُ عِنْدَهُمَا.
  وَقَدْ رَجَّحَ فِي (البَحْرِ)(٢) كَلَامَ القَائِلِينَ بِفُرْقَةِ الأَبْدَانِ بِقَوْلِهِ:
  قُلْتُ: إِنْ أُجْمِعَ عَلَى صِحَّةِ خَبَرِهِمْ فَهْوَ أَقْوَى، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، - أَيْ الآيَاتِ السَّابِقَة {تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ}، {أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ}، {وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا تَبَايَعۡتُمۡۚ}، - بَلْ كَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَالْخَبَرُ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ، أَيْ القِيَاس عَلَى النِّكَاحِ.
  وَقَوْلُهُ: إِنْ أُجْمِعَ عَلَى صِحَّةِ خَبَرِهِمْ.
  يُقَالُ: قَدْ صَحَّ الْخَبَرُ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الإِجْمَاعِ عَلَيْهِ.
  وَقَدْ رَوَاهُ الإِمَامُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي مَجْمُوعِهِ(٣)، وَهْوَ فِي أَمَالِي الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى(٤)، وَأَحْكَامِ الإِمَامِ الهَادِي(٥)، وَفِي الْجَامِعِ الْكَافِي، وَشَرْحِ الأَحْكَامِ، وَشَرْحِ التَّجْرِيدِ(٦)، وَشَرْحِ القَاضِي زَيْدٍ.
  وَأَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ(٧)، وَمُسْلِمٌ(٨)، وَالتِّرْمِذِيُّ(٩)، وَالنَّسَائِيُّ(١٠)، وَابْنُ
(١) ونحوه رواه البخاري في جامعه (مع فتح الباري) (٤/ ٤١٠)، رقم (٢١٠٧)، بإسناده إلى نافعٍ عن ابن عُمَرَ، عَن النَّبِيِّ ÷ قَالَ: «إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا». قَالَ نَافِعٌ: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ».
قال ابن حجر: «وهو ظاهرٌ في أنَّ ابنَ عُمَرَ كان يذهب إلى أنَّ التَّفَرُّقَ المذكورَ: بالأبدان، كما سيأتي. وفي الحديثِ ثبوتُ الخِيَاِرِ لِكُلٍّ من الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا داما في المجلس».
(٢) البحر الزخار (٤/ ٣٤٦).
(٣) الروض النضير (٣/ ٢٦١).
(٤) أمالي الإمام أحمد بن عيسى (مع رأب الصدع) (٢/ ١٢٥٤)، رقم (٢١٦٧).
(٥) الأحكام (٢/ ٤٤).
(٦) شرح التجريد (٤/ ١١٤).
(٧) البخاري (مع فتح الباري) (٤/ ٤١٢)، رقم (٢١١٠).
(٨) مسلم برقم (٣٨٥٣)، ط: (العصريَّة).
(٩) سنن الترمذي برقم (١٢٤٥)، عن ابن عُمَر، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(١٠) سنن النسائي الكبرى (٤/ ٧ - ١٠)، بروايات عديدة.