فتاوى وبحوث فقهية
  مَاجَه(١)، وَمَالِكٌ(٢). وَعَلَى الْجُمْلَةِ الْخَبَرُ مُتَوَاتِرٌ.
  وَقَالَ السَّيِّدُ العَلَّامَةُ شَارِحُ الأَسَاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّرَفِيُّ ® فِي كِتَابِ (ضِيَاءِ ذَوِي الأَبْصَارِ): وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ كَثِيرٌ، وَلَعَلَّهُ مُتَوَاتِرٌ، وَحَمْلُهُ عَلَى تَفَرُّقِ الأَقْوَالِ خِلاَفُ الظَّاهِرِ.
  وَحَكَى # فِي (البَحْرِ)(٣) عَنْ بَعْضِ الْعِتْرَةِ $، وَبَعْضِ الفُقَهَاءِ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْأَبْدَانِ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ عَقْدٍ - وَلَوْ مُشَارَكَةً أَوْ صُلْحًا، لَا النِّكَاحِ؛ إذْ شُرِعَ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ، وَالْخِيَارُ يَنْقُضُهُ، وَلَا الرَّهْنِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ، وَلَا الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَلَا الصَّدَقَةِ؛ إذْ شُرِعَ لِدَفْعِ الْغَبْنِ، وَلَا غَبْنَ فِيهِمَا، إلخ كَلَامِهِ.
  فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُخَالِفُ الإِمَامُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالإِمَامُ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ $ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْنَ العَابِدِينَ $؟!.
  فَالْجَوَابُ: إِنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ لَا تُرَدُّ لِمِثْلِ هَذَا الاسْتِبْعَادِ، وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ لَا تَخْفَى عَلَى ذِي النَّظَرِ الثَّاقِبِ.
  عَلَى أَنَّ اعْتِمَادَنَا عَلَى الأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي لَا نِزَاعَ فِيهَا.
  وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنِ الدَّلِيلِ لاِجْتِهَادِ مُجْتَهِدٍ، أَوْ قَوْلِ قَائِلٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
  فَقَولُ الإِمَامَيْنِ الأَعْظَمَيْنِ الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالإِمَامِ الهَادِي $، وَمَنْ تَبِعَهُمَا فِي تَفْسِيرِ الاِفْتِرَاقِ بِالأَقْوَالِ صَادِرٌ عَنْ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ.
  وَلَوْ رَوَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي ذَلِكَ خَبَرًا عَنِ الرَّسُولِ ÷، أَوْ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ # لَمْ نَعْدِلْ عَنْهُ، فَهُمَا إِمَامَا آلِ مُحَمَّدٍ، وَالْمُقْتَدَى بِهِمَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ،
(١) سنن ابن ماجه برقم (٢١٨٢)، و (٢١٨٣).
(٢) موطأ مالك (مع تنوير الحوالك للسيوطي) (ص/٥١٠)، ط: (دار الكتب العلمية)، ولفظه: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخيَارِ».
ورواه أبو داود في السُّنَن (٤/ ٢٧٣)، رقم (٣٤٥٧)، وبلفظ الموطأ برقم (٣٤٥٤).
(٣) البحر الزخار (٤/ ٣٤٥).