مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 693 - الجزء 1

  سَحَابٗا}⁣[الروم: ٤٨](⁣١)

  وَلَا تَنَافِي بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا أَخْبَرَ اللهُ مِنَ الْآجَالِ الْمَحْدُودَةِ، وَالْأَنْفَاسِ الْمَعْدُودَةِ.

  وَبَيَانُ ذَلِكَ يَتَّضِحُ بِتَحْقِيقِ أَصْلٍ يُبْنَى عَلَيْهِ، وَهْوَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ لِعِبَادِهِ آجَالًا، مِنْهَا مُسَمَّاةٌ مُطْلَقَةٌ، وَمِنْهَا مَشْرُوطَةٌ مُعَلَّقَةٌ.

  فَأَمَّا الْمُسَمَّاةُ فَلَا كَلَامَ فِيهَا، وَأَمَّا الْمَشْرُوطَةُ فَإِنَّهُ ø جَعَلَ الْحِكْمَةَ فِي التَّعْمِيرِ نَعْبُدُهُ إِلَى كَذَا بِشَرْطِ كَذَا، وَإِلَى كَذَا إِنْ لَمْ يَحْصُلْ كَذَا، وَهْوَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِالشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ، وَمَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا لَا يَقَعُ.

  وَهَذَا لَا تُحِيلُهُ الْأَلْبَابُ، وَقَدْ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَالْكِتَابُ. قَالَ تَعَالَى: {وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ}⁣[إبراهيم: ١٠]، {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ}⁣[فاطر: ١١].

  وَرَوَى الْإِمَامُ النَّاطِقُ بِالْحَقِّ #، وَالْإِمَامُ الْمُرْشِدُ بِاللَّهِ #(⁣٢) عَنِ الْبَاقِرِ عَنْ آبَائِهِ À أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ~ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ ÷ عَنْ قَوْلِ اللهِ ø: {يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ ٣٩}⁣[الرعد]، فَقَالَ: «أَلَا أُبَشِّرُكَ بِهَا يَا عَلَيُّ! فَبَشِّرْ بِهَا أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، الصَّدَقَةُ عَلَى وَجْهِهَا، وَاصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، تُحَوِّلُ الشَّقَاوَةَ سَعَادَةً، وَتَزِيدُ فِي الْعُمرِ، وَتَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ»، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ شَهِيرٌ، وَقَدْ بَسَطَ أَئِمَّتُنَا $ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَحْثِ⁣(⁣٣).


(١) «فنسب الإثارة إلى الرياح؛ لكونها سببًا». تمت من (شرح الأساس الصغير).

(٢) (الأمالي الخميسية) للإمام المرشد بالله # (٢/ ١٢٤).

(٣) «قَالَ الْمُؤَيَّدُ باللهِ #: فَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العُمُرِ فَهْوَ جَائِزٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يَعْلَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حَالِ الإِنْسَانِ مَثَلًا أَنَّ الصَّلَاحَ فِي أَنْ يُعَمَّرَ ثَلَاثِينَ، وَأَنَّهُ إِنْ وَصَلَ الرَّحِمَ كَانَ الصَّلَاحُ فِي أَنْ يُعَمَّرَ أَرْبَعِينَ، وَإِنْ قَطَعَ رَحِمَهُ كَانَ الصَّلَاحَ فِي أَنْ يُعَمَّرَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَهَذَا مَعْنَى الخَبَرِ. انتهى». تمت من (شرح الأساس الصغير).