فتاوى وبحوث فقهية
  وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا وَرَدَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَبَيْنَ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ ٣٤}[الأعراف]؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ فِي الْعُمُرِ مَشْرُوطَةٌ، فَكِلَاهُمَا مِنَ الْأَجَلِ الَّذِي عَلِمَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  وَفِي اطْلَاعِ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، تَقْتَضِي حَثَّهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِمُوجَبِهَا، وَالْمُسَارَعَةِ إِلَيْهَا.
  هَذَا وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ عَافَاهُ اللهُ: هَلْ ذَلِكَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَغَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. إلخ؟
  فَنَقُولُ: أَمَّا التَّخْصِيصُ فَلَيْسَ مِنْهُ فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ، كَمَا تَبَيَّنَ ذَلِكُمْ وَتَكَرَّرَ؛ إِذْ لَا تَخْصِيصَ إِلَّا مَعَ التَّعَارُضِ لِلدَّلَالَةِ فِيمَا قَضَى بِهِ الْخَاصُّ فَيُرْجَعُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا.
  وَأَخْبَارُ السُّكُونِ فِي بِلَادِ الْأَسْدَامِ، وَالدُّخُولِ إِلَى بَلَدٍ فِيهِ الطَّاعُونُ، وَالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ لَمْ تُعَارِضْ شَيْئًا مِنْ دَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا}[التوبة: ٥١].
  أَلَا تَرَى أَنَّ اقْتِضَاءَ الْحِكْمَةِ تَرَتُّبُ الْمَرَضِ أَوِ الْمَوْتِ عَلَى حُصُولِ أَحَدِهَا يَكُونُ مِمَّا كَتَبَهُ اللهُ تَعَالَى؛ إِذْ لَا تَأْثِيرَ إِلَّا لَهُ جَلَّ وَعَلَا، وَلَا قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ}[الجمعة: ٨]، وَلَا قَوْلِهِ ø: {أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ}[النساء: ٧٨]، وَهْوَ ظَاهِرٌ، وَلَا قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ} الآيةَ [الأعراف: ٣٤]، وَلَا قَوْلِهِ ÷: «إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ قَبْضَ رُوحِ عَبْدٍ ...» إلخ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجَلِ اللهِ أَي الْوَقْتُ الَّذِي عَلِمَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُقْبَضُ فِيهِ إِذَا وَقَعَ، فَلْيُتَأَمَّل؛ فَإِنَّهُ جَلِيٌّ مَعَ التَّحْقِيقِ لِمَا تَلَخَّصَ آنِفًا.
  وَأَمَّا كَوْنُ النَّهْي يَقْتَضِي التَّحْرِيم ... إلخ.
  فَلَا لَا يَقْتَضِيهِ هُنَا؛ إِذِ الْقَرَائِنُ الصَّارِفَةُ قَائِمَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَا رُوِيَ