مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 722 - الجزء 1

  فِيهِ نَتَنٌ تُوُضِّيءَ بِهِ.

  قُلْتُ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ عِنْدَهُ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا مَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا، وَهْوَ قَوْلُ جَمٍّ غَفِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِتْرَةِ، وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ، وَقَدْ سَبَقَتِ الإِشَارَةُ إِلَى دَلِيلِهِ.

  وَلَمْ يَنْهَضْ شَيءٌ مِمَّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ القَلِيلَ يَنْجُسُ مُطْلَقًا، وَلَا عَلَى تَحْدِيدِهِ.

  أَمَّا خَبَرُ الاِسْتِيقَاظِ وَقَدْ ثَبَتَتْ رِوَايَتُهُ - بِغَيْرِ لَفْظِ التَّثْلِيثِ فِي غَسْلِ اليَدِ، وَلاَ لَفْظِ: «لَا يَدْرِي»، إِلخ - بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ إِلَى الْمُرْتَضَى # فِي كِتَابِ (النَّهْيِ)، فَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالتَّنْجِيسِ، وَالظَّاهِرُ فِيهِ التَّعَبُّدُ.

  وَكَذَلِكَ خَبَرُ النَّهْيِ عَنِ البَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَكَذَا خَبَرُ الوُلُوغِ.

  وَخَبَرُ الْقُلَلِ لَمْ يَصِحَّ مَعَ اضْطِرَابِهِ، وَإِحَالَتِهِ عَلَى مَجْهُولٍ.

  وَأمَّا تَحْدِيدُ القَلِيلِ بِمَا يُظَنُّ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَهْوَ أَشَفُّهَا، فَمَتَى حَكَمَ الشَّرْعُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ بِشَيءٍ، فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا حُكْمَ لَهَا فِيهِ، مَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، إِلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ تَجَنُّبُ مَا يُظَنُّ اسْتِعْمَالُ النَّجْاسَةِ بِاسْتِعْمَالِهِ احْتِيَاطًا، لَاحُكْمًا بِالتَّنْجِيسِ. وَأَمَّا مَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ فَهْوَ يَنْجُسُ بِالإِجْمَاعِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضَ الأَخْبَارِ زِيَادَةُ اسْتِثْنَائِهِ، وَلَمْ تَثْبُتْ، لَكِنَّ مَعْنَاهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَكَفَى بِذَلِكَ.

  وَإِلَى هُنَا تَوَقَّفَ الْقَلَم، لِلاِشْتِغَالِ بِمَا هُوَ أَهَمّ، وَلِكَوْنِهِ قَد اهْتَمَّ بِجَمْعِ الصَّحِيحِ الوَلَدَانِ الأَوْحَدَانِ، العَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعِجْرِيُّ الْمُؤَيَّدِيُّ، وَالْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْحُوثِيُّ أَيَّدَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ الإِتْمَام، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.

  *******