[عدم نسخ الكتاب بالسنة، وبيان المانعين وحجتهم، وكون الكلام الأول على فرض الوقوع لا غير]
[الْمَدْرَكُ الشرعي في عَدَمِ نَسْخِ الظني للقطعي]
  بَلَى! هو مُخَالِفٌ في الظاهر؛ إذ لا طريقَ لنا إلى الانتهاءِ إلَّا بإعلامٍ شَرْعِيٍّ، ومَعَ عَدَمِ العِلْمِ لا يكونُ بيانًا، ودليلُ بقائِهِ مقطوعٌ به، ودليلُ انتهائِهِ مظنون، والمظنونُ لا يُقَاوِمُ المقطوع.
  وهذا هو الْمَدْرَكُ الشَّرعيُّ في عَدَمِ نَسْخِ الظنيِّ للقَطْعِي.
[عدم نسخ الكتاب بالسنة، وبيان المانعين وحجتهم، وكون الكلام الأول على فرض الوقوع لا غير]
  وإنَّما قلنا: فإنْ تَوَاتَرَ مَثَلًا، إلخ؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ عندنا نَسْخُ السُّنَّةِ للكتاب، وهو المروي عن الإمامِ القاسمِ بْنِ إبراهيم، وولدِهِ محمدِ بْنِ القاسم، وحفيدِهِ الإمامِ الهادي إلى الحق، والإمامِ الناصر لدين اللَّهِ الحسنِ بنِ عليٍّ الحُسَيني، وهو ظاهرُ روايةِ الإمامِ [المهدي محمد بن القاسم] عن الإمامِ الأَعظمِ زيدِ بْنِ عليٍّ À.
  وهذا الْخَبَرُ حُجَّةٌ قائمة، ومَحَجَّةٌ لازمة عَلَى عَدَمِ وقوعِهِ؛ لِمَا أَسْلَفْنَا لكَ مِنْ أنَّ النَّسْخَ ظاهرُهُ الْمُخَالَفَة، وقد قال ÷: «وَمَا خَالَفَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَمْ أَقُلْهُ».
  ولا يُقَالُ: إنَّ الاحتجاجَ بحديثِ العَرْضِ غيرُ مستقيم؛ لأنَّه ليس إلَّا في الظَّنِّيَّات، وأمَّا القطعياتُ فلا يَتَأَتَّى فيها الكذبُ، فلا عَرْضَ.
  لأنَّا نقول: قد أَفَادَ حديثُ العَرْضِ أَنَّه لا يأتي من الرسولِ ÷ مَا يُخَالِفُ القرآن، والناسخُ مُخَالِف، والْمُخَالِفُ لا يتواتر، فيجبُ القَطْعُ بأنَّ الناسخَ لا يتواتر، فمن هنا يَتَقَرَّرُ الاحتجاجُ في مَحَلِّ النزاع، وهو جَوَازُ النسخِ أو مَنْعُهُ، فتأمل.
  ومَا كلامُنَا المتقدِّمُ إلَّا عَلَى فَرْضِ الوقوع؛ لأنَّ الوقوعَ فَرْعُ الجواز، وقد قَدَّمنا أنَّه لو وَقَعَ لم يكن إلَّا بقاطع، ومحالٌ أَنْ يكونَ القاطعُ مَكذوبًا عَلَى الشارع، ولو وَقَعَ لارتفع التنازع.
[استدراك عَلَى كلام بعض المؤلفين]
  وفي قولِ بعضِ عُلَمائِنَا ¤: «وفُهِمَ صِحَّةُ نَسْخِ القرآنِ بالْمُتَوَاتِرِ مِنَ السُّنَّةِ، خِلافًا للقَاسِمِ، وابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ القَاسِم، والنَّاصِرِ، وابْنِ حَنْبَلٍ، وَكَذا الهادي، والشَّافِعِيُّ فِي رِوَايةٍ؛ إذْ هِي حُجَّةٌ تُوجِبُ العِلْمَ كَالْكِتَابِ، فَيَجُوزُ