مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[كلام الإمام الهادي ~، وحجته على المنع]

صفحة 53 - الجزء 1

  كَالْكِتَابِ بِالْكِتَابِ» انتهى كلامه - تسامحٌ في الحكاية، وخَلَلٌ في الاحتجاج.

  أمَّا الحكايةُ فإنَّهُم لا يقولون: إنَّ المتواتر من السُّنَّة لا يَنْسَخُ الكتاب، ومَعَاذَ اللَّهِ من ذلك، وإنَّما يقولون: إنَّه لا يَصِحُّ أن يُنْسَخَ الكتابُ بالسُّنَّة، فلا يمكنُ أَنْ يَتواترَ عندهم ناسخٌ من السُّنَّة.

  وأَمَّا الاحتجاجُ فإنَّهُم يقولون بِمُوجَبِهِ، أي: أنَّهَا إذا أَفَادت العِلْمَ فهي حُجَّةٌ، ولكنَّهم يذهبون إلى أنَّه لا يجوز أن يتواترَ ناسخٌ من السُّنَّة للكتاب، فهم يَمنعون الجوازَ والوقوعَ معًا، فأَمَّا لو وَقَعَ لارتفع الخلاف، وكان الائتلاف.

  وإنَّما يَستقيمُ الاحتجاجُ لو صَحَّ النسخُ، أو بَطَلَتْ أَدلةُ الْمَنْعِ بِحُجَّةٍ واضحةِ المنهاج، مُتَجَلِّيَةِ الفِجَاج.

[كلام الإمام الهادي ~، وحجته على المنع]

  وسَنحكي كلامَ إمامِ الأَئِمَّة، وهادي الأُمَّة، وتُرْجمانِ الكتابِ والسُّنَّة، الْمُبشِّرِ به جَدُّهُ الرسولُ ÷: الهادي إلى الحقِّ القويم يحيى بنِ الحسين بنِ القاسمِ بن إبراهيمَ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ صَلَوَاتِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ.

  قال ~ في (كتاب معاني السُّنَّة)⁣(⁣١):

  «والسُّنَّةُ فَلَمْ تُعَارِضِ الكِتَابَ أَبَدًا بإبْطَالٍ لِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَلا أَمْرٍ مِنْ أَمْرِهِ».

  إلى أن قال: «وَلا رَدِّ شَيءٍ مِنْ مَنْسُوخِهِ، وَلا نَسْخِ شَيءٍ مِنْ مُثْبَتِهِ». حتى قال:

  «وَفِي ذَلِكَ مَا يَقولُ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «سَيُكْذَبُ عَلَيَّ كَمَا كُذِبَ عَلَى الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، فَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَهْوَ مِنِّي وَأَنَا قُلْتُهُ، وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَلَيْسَ مِنِّي وَلم أَقُلْهُ»»، إلخ كلامه #.

  وكان عَلَى الناقلين لأَدلةِ المخالفين كابن الإمام @(⁣٢) أَنْ يُحَرِّرُوا هذا في حُجَجِ المانعين كما احتجَّ به الهادي إلى الحقِّ ~.

  وما استدلوا به على الوقوع كنسخ المتعة والوصية فليس بوارد؛ لأنَّ المرادَ بالمتعةِ


(١) (كتاب تفسير معاني السُّنَّة) مطبوع ضمن مجموعه (ع) (ص/٤٧٩).

(٢) أي السيد الإمام الحسين بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع).