مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 669 - الجزء 1

[سؤال في العِدَّة: عن حكم الزواج قبل العدة مع الجهل]

  سُؤَال: مَا يَقُولُ العُلَمَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَذْهَبِ الشَّرِيفِ - صَانَهُ اللَّهُ عَنِ الزَّيغِ وَالتَّحْرِيفِ - في امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ في العِدَّةِ لم تَحِضْ إِلَّا حَيْضَتَينِ فَقَطْ مِنْ بَعْدِ طَلاقِ الزَّوجِ الأَوَّلِ، وَلَها سَنَةٌ وَنِصْفٌ تَقْرِيبًا مِنْ بَعدِ أَنْ طَلَّقَهَا الزَّوجُ الأَوَّلُ، وَلَم تَحِضْ إِلَّا هَذِهِ الحَيْضَتَينِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّاني، وَحَاضَتِ الحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، وَلَم يَعْلَمُوا بُطْلَانَ النِّكَاحِ إِلَّا في حَالِ الحَيْضَةِ هَذِهِ، وَقَدْ سَبَقَ قَبْلَ الحَيْضَةِ الدُّخُولُ مِنَ الزَّوْجِ، وَلَكِنَّهُمَا جَاهِلَينِ بِالتَّحْرِيمِ لَم يَعْلَمَا إِلَّا وَقَد اِسْتَمَرَّتْ في الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَيَّامًا.

  أَفِيدُونَا مَاذَا يَلْزَمُ مِنَ الاسْتِبْرَاءِ؟ هَلْ تَسْتَبْرِي مِنَ الزَّوجِ الثَّاني بِحِيَضٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تُكْمِلُ عِدَّةَ الأَوَّلِ بِحَيْضَةٍ أَمْ لَا؟

  ثُمَّ إِذَا قُلْتُمْ لَا بُدَّ مِنْ ثَلاثٍ غَيرِهَا نَرْجُو إِفَادَتَهُم حَيْثُ وَقَدْ أَفْتَوْنَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ غَيْرِهَا ثُمَّ تُكْمِلُ عَنِ الأَوَّلِ بِحَيْضَةٍ، وَلَكِنْ لَمْ يَطْمَئِنّ الخَاطِرُ إلَّا بِإِجَابَتِكُمْ؟

  أَجَابَ القَاضِيُ العَلَّامَةُ عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ العَنْسِي بِمَا لَفْظُهُ:

  الجَوَابُ، وَاللهَ أَسْأَلُ التَّوفِيقَ إِلى سَبِيلِ الرَّشَادِ القويم آمين: أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ بَاطِلٌ لِذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَبْرِئَ مِنَ الزَّوْجِ الثَّاني بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَامِلَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَكْمِلَ عِدَّتَها مِنَ الزَّوْجِ الأَوَّلِ، وَذَلِكَ البَاقِي قُرْءٌ وَاحِدٌ حَسْبَمَا أَفَادَهُ السُّؤَالُ.

  أَمَّا مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ عَنْ حُكْمِ الحَيْضَةِ التي حَدَثَتْ وَهِيَ تَحْتَ الزَّوْجِ الثَّاني بَعْدَ الدُّخُولِ مِنْهُ بِهَا في غَمْرَةِ الجَهْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا عِبْرَةَ بِها وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَالحَالُ مَا ذُكِرَ، وَلِمَا أَفَادَهُ السَّائِلُ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ ذَوَاتِ الحَيْضِ؛ لانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ، وَبَعْدَ النِّهَايَةِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهَا أَنْ تَتَزَّوَجَ بِمَنْ شَاءَت سَوَاءً بِهَذَا أَمْ بِغَيْرِهِ؛ لأَنَّ العَقْدَ كَلَا عَقْد.

  وَعَلَى الجَمِيعِ الْمُرَاقَبَةُ لِلَّهِ تَعَالى وَالتَّحَرِّي وَالتَّوبَةُ، وَهَذَا هُوَ الْمُقَرَّرُ لأَهْلِ