مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 684 - الجزء 1

  وَلَكِنَّهُمَا لَمْ يَقُولَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ $ بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ لَهُمَا عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ، لَا سِيَّمَا فِي مَا صَحَّ لَهُمْ مِنَ الدَّلِيلِ، كَيْفَ وَهُمَا فَاتِحَا بَابِ الْجِهَادِ وَالاِجْتِهَادِ.

  *******

(البيع والشراء بواسطة التلفونات)

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين بْنُ مُحَمَّدِ الْمُؤَيَّدِيُّ #:

  وَقَدْ وَرَدَ سُؤَالٌ فِي الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا بِوَاسِطَةِ التّلفونَاتِ، مِثْل البَيْعِ وَالشِّرَاءِ، إِلخ السُّؤَالِ، فَأَجَابَ عَنْهُ الوَلَدُ العَلَّامَةُ الأَوْحَدُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفَيْشِيُّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَفَادَ بِمَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُهُ الثَّاقِبُ، وَفِكْرُهُ الصَّائِبُ، وَقَدْ أَحَالَ الْجَوَابَ عَلَيْنَا، فَأَقُولُ: قَدْ أَوْضَحْتُ مَا عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِمَا سَبَقَ مِن اعْتِبَارِ الاِجْتِمَاعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي عُقُودِ الْمُبَايَعَةِ وَنَحْوِهَا؛ لاِعْتِبَارِ الشَّارِعِ الاِفْتِرَاقَ.

  وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالاِفْتِرَاقِ فُرْقَةُ الأَبْدَانِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الاِجْتِمَاعِ حَسْبَمَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْمَجْلِسِ بِخُصُوصِهِ.

  فَأَمَّا كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَقَدْ نَصُّوا نَصًّا صَرِيحًا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَجْلِسِ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِوُقُوعِ الإيْجَابِ وَالْقَبُولِ مَا لَمْ يَكُونَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَلِهَذَا نَصُّوا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِ الرَّاكِبَيْنِ عَلَى دَابَّتَيْنِ أَوْ سَفِينَتَيْنِ.

  وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْمُصَارَفَةِ لَا يَنْقُضُ التَّصْرِيحَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَصِّصُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالرِّسَالَةَ وَنَحْوَهُمَا قَائِمَانِ مَقَامَ الْكَاتِبِ وَالْمُرْسِلِ.

  وَفِي الصَّرْفِ قَد اعْتَبَرَ الشَّارِعُ عَدَمَ الاِفْتِرَاقِ بَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ بِالأَبْدَانِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ.

  وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي فِي عُقُودِ التّلفُونَاتِ وَنَحْوِهَا: هُوَ أَنَّهُ إِذَا عُلِمَ الصَّوْتُ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَثَبَتَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الاِجْتِمَاعِ الَّذِي