[اعتراض ابن الأمير على صاحب الغاية ابن الإمام في تعريف المؤمن، والجواب عليه]
  الشُّبْهَة، فقد تَنْقَدِحُ عَلَى مَن لم يكن له مُسْكَةٌ(١).
  وَيَطْمَئِنُّ إِليْهَا مَنْ لَهُ غَرَضُ ... في مَسْلَكِ الغَيِّ أَوْ في قَلْبِهِ مَرَضُ
  فَأمَّا مَن كَرَعَ(٢) مِنْ فُرَاتِ التحقيق، ولاحَظَتْهُ عِنَايَةُ التسديدِ والتوفيق، فليس له عليها تَعْرِيج، ولا يَتِمُّ عليه التمويهُ والترويج.
  وعليكَ أَيُّها الأَخُ الْمُطَّلِعُ النَّظَرَ بِعَيْنِ الإنصاف، وطَرْحَ الهَوَى والاِعْتِسَاف، فهذه طريقةُ مَنْ ثَبَّتَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى المنهجِ القويم، {أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٢٢}[الملك].
  ولنتكلم بما يحتمله الحالُ من الاختصار، ونتجنب ما لا طائلَ تحته من اللغو والإكثار، فأقول وبمادة ربي أصول:
[اعتراض ابن الأمير على صاحب الغاية ابن الإمام في تعريف المؤمن، والجواب عليه]
  قوله(٣): «الأَوْلَى عَلَى رأيه(٤) أَنَّه(٥): فاعلُ الواجبات(٦)؛ لأنَّ المسنونَ طاعةٌ، ولا يُعَدُّ تاركُهُ غيرَ مؤمنٍ عند الْمُصَنِّف ...» إلخ ما في (ج ١/ص ٢٤٨).
  الجواب: المرادُ بالطاعاتِ: الواجبات، بقرينةِ مقابَلَتِهَا بالْمُقَبَّحَات.
  قوله(٧): «ويَخْرُجُ عن الحدِّ مَن ارتكب المقبحات، وتركَ الطاعات طولَ عمرِهِ
(١) قال في (القاموس): «الْمُسْكَةُ - بالضم -: ما يُتَمَسَّكُ به، وما يُمْسِكُ الأَبْدَانَ مِنَ الغِذاءِ والشَّرابِ، أو مَا يُتَبَلَّغُ به منهما، والعَقْلُ الوافِرُ». وقال ابن سيده في (المحكم): «ورجل ذو مُسْكة، ومسك: أي رأي وعقل يرجع إليه».
وقال في (المصباح): «وَالْمُسْكَةُ - وِزَانُ غُرْفَةٍ - مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ، وَلَيْسَ لِأَمْرِهِ مُسْكَةٌ: أَيْ أَصْلٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لَهُ مُسْكَةٌ: أَيْ عَقْلٌ. وَلَيْسَ بِهِ مُسْكَةٌ: أَيْ قُوَّةٌ».
(٢) «كَرعَ في الماءِ، أو في الإناءِ، - كمَنَعَ - وهو الأكْثَرُ، وفيهِ لُغَةٌ ثانِيَةٌ: كَرِعَ، مثل سَمِعَ كَرْعًا - بالفَتْح -، وكُرُوعًا - بالضَّمِّ -: تَنَاوَلَه بفِيهِ من مَوْضِعهِ منْ غَيْرِ أنْ يَشْرَبَ بكَفَّيْهِ وبإناءٍ». اهـ من (تاج العروس) (٢٢/ ١١٦).
(٣) أي ابن الأمير محمد بن إسماعيل.
(٤) أي ابن الإمام، وهو إمام المحققين الحسين بن الإمام الأعظم القاسم بن محمد (ع).
(٥) أي المؤمن.
(٦) لأن ابن الإمام (ع) قال في تعريف المؤمن شرعًا: «(وشرعًا المطيع) أي فاعل الطاعات، ومجتنب المقبحات مع التصديق».
(٧) أي ابن الأمير محمد بن إسماعيل.