الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم

صفحة 103 - الجزء 1

  {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ١٩ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ٢٠}⁣(⁣١) قرأ: تلك الغرانيق العُلا منها الشفاعة ترتجى، حتى نزل جبريل # وقال: ما ذا الذي قد فعلت!⁣(⁣٢).

  وأمثال هذه كثيرة من الروايات التي هي من دسيس الملحدة قد دسوها بين جهلة الأمة، والله - تعالى - قد نزَّه أنبياءه عن جميع هذه الأشياء، وهم منزهون عن جميع المنفرات، وهم حجج الله على الخلق معصومون عن جميع ما ينفر الخلق عنه، وقد قال الله لرسوله ÷: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}⁣(⁣٣)، بعّد عنه الفضاضة ونزهه عنها؛ كيلا ينفر النافر عنه، والكفر والكبائر أولى أن ننزهه عنها، وليس في كتاب الله شيء مما رووه، ولو ذكرناها هنا جميعاً لطال الكتاب وقد ذكرناه في كتاب (تنزيه الأنبياء)⁣(⁣٤).

  وإذا صح أن تفصيل مذهبنا يوافق هذه الجملة التي عُلم من دين الرسول ÷ ضرورة عرفنا أنه الحق ودين الرسول ÷.

  ومعلوم أن أهل بيت النبي ÷ كانوا على هذا ولم يكن بينهم في هذه الجملة خلاف، وكلام أمير المؤمنين وخطبه مشحونة بالتوحيد والعدل، وكذلك أولاده الحسن والحسين، ومحمد بن الحنفية، وولده أبو هاشم، وولده الآخر الحسن، وزين العابدين، وأولاده مثل محمد بن علي الباقر، وزيد بن علي، وأولادهم مثل يحيى بن زيد، والحسن بن الحسن، وجعفر


(١) سورة النجم: ١٩ - ٢٠.

(٢) تفسير الطبري ج ١٦ ص ٦١٤، تفسير السمرقندي ج ٢ ص ٤٦٥، المعجم الكبير للطبراني ج ١٢ ص ٥٣.

(٣) سورة آل عمران: ١٥٩.

(٤) كتاب للمؤلف لا يزال مخطوطاً.