الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم

صفحة 104 - الجزء 1

  الصادق، وعبد الله بن الحسن، وأولاده النفس الزكية، وإبراهيم، ويحيى، وجميع العترة $ كلهم قالوا بالعدل والتوحيد، والرواية ظاهرة عنهم في هذا، وذكر جميعهم لا يمكن هاهنا.

  فإذا ثبتت إمامة زيد بن علي @، وإمامة من خرج من بعده وساروا على سيرته وسنته وكانت طريقتهم طريقة الحق، أردنا أن نذكر فصلاً في مذاهبهم في هذا الباب ليعرف تفصيل ما كانوا عليه À، فأما مذهبهم الذي كانوا عليه لم يزل عليه المتقدمون منهم والمتأخرون وقد صنفوا فيه الكتب، مثل كتب القاسم، ويحيى، وأحمد بن عيسى بن زيد $ وغيرهم، وكلهم اتفقوا على ذلك المذهب، وليس بينهم خلاف في التوحيد والعدل، والنبوات والإمامة، والوعد والوعيد، والأسماء والأحكام، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكلهم على مذهب واحد في أصول الدين، فأما في الفروع فلهم اختلافات في المسائل وذلك شيء يكون كل منهم مصيباً فيه.

  فأما ما يجب في الأصول كما أورده القاسم، ويحيى، وابنه المرتضى، والناصر، والناصر للحق، والسيد أبو عبد الله الداعي، والسيد الإمام أبو طالب، والسيد الإمام أبو الحسين، في الكتب نذكرها هنا على طريق الاختصار ثم نذكر بعد ذلك التفصيل مع الأدلة.

  أما في التوحيد: فيقولون: إن العالم محدث، حدث بعد أن لم يكن، خلقه الله - تعالى - من غير شيء، وأخرجه من العدم إلى الوجود، الجواهر والأعراض، وخلق الأحياء وجميع ما يحدث في العالم مما لا يقدر العباد عليه، فهو فعل الله - تعالى - باختياره وإرادته وقصده، ولا يقولون بالطبائع وتأثير الطبائع، والنجوم وتأثير النجوم، ويقولون لا يقدر أحد سِوى الله - تعالى - على خلق الجواهر وكثير من الأعراض، وهو - تعالى - منفرد بها، بخلاف قول المفوضة والغلاة.

  ولله - تعالى - صفات ذاتيه، موجود لذاته، وقديم لذاته، لم يزل ولا يزال ولا