الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم
  يجوز عليه العدم والتغير في حال من الأحوال، قادر لم يزل ولايزال على جميع أجناس المقدورات التي لانهاية لها، لا يحتاج إلى قدرة وآلة، ولا يحتاج في خلقها الى أحد، وتجب هذه الصفة له.
  ولا يجوز عليه العجز، والمنع، وعالم بجميع المعلومات لم يزال ولا يزال، وهذه الصفة واجبة له - تعالى -.
  ولا يحتاج إلى علم ولا يجوز عليه الجهل والشك والظن، ومحال أن تكون له قدرة قديمة، وعلم قديم؛ إذ لا قديم سوى الله - تعالى -، وهو حي لم يزل ولا يزال، ويجب أن تكون هذه الصفة واجبة له.
  لا يحتاج إلى بنية وحياة ولا يجوز عليه الموت والآفة، سميع بصير لم يزل ولا يزال، لا يحتاج إلى سمع وبصر، مدرك بشرط وجود المدرك، لا يحتاج إلى الحواس، غني لم يزل ولايزال، لا تجوز عليه الحاجة والشهوة والنفار والمنافع والمضار.
  ليس بجسم، ولا عرض، ولا تجوز عليه كل صفة تختص بالأجسام والأعراض، كالجهة، والمكان، والحلول، والكون في الأماكن، والمجيء والذهاب، والنزول والصعود، والانتقال، والزوال، والاستواء، ولا تأخذه سِنة ولا نوم، ولا تجوز عليه الجوارح والأعضاء، يعلم بلا قلب، يفعل بلا يد، وأنه يرى بلا عين، سميع بلا أذن، يدرك بلا حاسة، ولا يُدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، ولا يُرى بالعين، ولا يُسمع بالأذن، ولا يجوز عليه شيء من صفات النقص، لا شريك له ولا نظير، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}(١)، {يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢}(٢)، ليس بنور ولا ظلمة، بل خالق الظلمات والنور.
  وأما في العدل يقولون: إن الله - تعالى - قادر على جميع أجناس المقدورات،
(١) سورة الشورى: ١١.
(٢) سورة الحديد: ٢.