باب حدوث الأجسام
  قلنا: لأنه لا يعرف بالمشاهدة ولا يحصل العلم به ضرورة؛ لأن للعلم الضروري علامات:
  أحدها: أن لا يختلف العقلاء فيه.
  والثاني: أن لا يحتاج إلى النظر في معرفة الضروري.
  الثالث: أنه يحصل بغير مراد العاقل واختياره.
  والرابع: أنه لا يمكن دفعه بشك ولا شبهة.
  ومعرفة الله - تعالى - بخلاف هذه الجملة، فعلمنا أنها ليست تحصل ضرورة، ولا يجوز أن تحصل بالتقليد؛ لأن التقليد ليس بطريق للعلم، لأن التقليد «قبول قول الغير بغير دليل ولا حجة»، فلم يكن تقليد المحق أولى من تقليد المبطل، ولأن المقلد لا يكون آمناً من أنه على باطل، فثبت بطلانه.
  وإذا كانت معرفة الله - تعالى - واجبة ولا يمكن تحصيلها بهذه الطريق لم يبق إلا أن يعرف بالنظر في الدليل.
  فإن قيل فما الدليل الذي ينظر العاقل فيه ليحصل له العلم بالصانع؟
  قلنا: أفعاله - تعالى - التي لا يقدر عليها غيره من الجواهر وكثير من الأعراض إذا نظر فيها وعرف حدوثها، عرف أن لها محدثاً وصانعاً، ثم يعرف صفاته.
باب حدوث الأجسام
  الدليل على أن العالم محدث: أنه حدث بعد أن لم يكن، وأن العالم أجسام، والأجسام لا تخلو من الأعراض: كالحركة والسكون، والاجتماع والافتراق، وهذه الأعراض محدثة، فيجب أن تكون الأجسام أيضاً محدثة، كتوأمين إذا ولُدا معاً وعرف أن لأحدهما سنة، عرف أيضاً أن للآخر سنة، وهذا الدليل مبني على أربع دعاوى: