الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين

صفحة 130 - الجزء 1

  بإيجاد الجسم؛ لأنه موجود وليس بمقدور له فلم يبق إلا أن يكون الأمر بفعل يفعله وهو المعنى الذي يوجده.

  فإن قالوا: ولم قلتم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعاً لعدم الافتراق ومفترقاً لعدم الاجتماع؟

  قلنا: لأن العدم لا يوجب الصفة بل يحتملها، ولأنه لو كان كذلك لوجب إذا عدم المعنيان عن الجسم أن يكون مجتمعاً مفترقاً في حالٍ واحدة، وهذا محال، وما أدى إليه وجب أن يكون محالاً.

  ويقال لهم ما قال الشيخ أبو الهذيل⁣(⁣١) لأبي بكر الأصم⁣(⁣٢) - وكان ينفي الأعراض -: كم حدّ الزاني؟

  قال: مائة جلدة.

  قال: كم حد القاذف؟

  قال: ثمانون جلدة.

  قال: أليس يزيد جلد الزاني على جلد القاذف بعشرين جلدة؟

  قال: بلى.

  قال: فهو عبارة عن ماذا؟ عن الجلاد، أو المجلود، أو السوط، أو الهوى، أو الأرض؟


(١) محمد بن محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدى، أبو الهذيل العلاف، من أئمة المعتزلة، له كتب كثيرة، منها كتاب سماه (ميلاس) على اسم مجوسي أسلم على يده. الأعلام ج ٧ ص ١٣١.

(٢) عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الاصم. فقيه معتزلي مفسر، له تفسير الأصول، ومناظرات مع ابن الهذيل العلاف. الأعلام ج ٣ ص ٣٢٣.