الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين

صفحة 131 - الجزء 1

  فقال: لا.

  فقال: هل هاهنا غير هذه الأشياء؟

  قال: لا.

  قال: كأنك تقول لا شيء أكثر من لا شيء بعشرين وهذا بيَّن.

  وأما الدعوى الثانية: أن الجسم لم يخل من هذه المعاني: فالدليل عليه: أن الجسم لم يخل قط من أن يكون مجتمعاً أو مفترقاً أو متحركاً أو ساكناً، وهذه الصفات صدرت عن هذه المعاني، فيجب ألا يخلو من هذه المعاني.

  وأيضاً: فإن الجسمين إما أن يكونا مجتمعين أو مفترقين، فإذا كانا مجتمعين فلا يخلوان من اجتماع، وإذا كانا مفترقين فلا يخلوان من افتراق.

  فإن قال: كان الجسم فيما لم يزل خالياً عن الاجتماع والافتراق والحركة والسكون، ثم حدثت فيه هذه المعاني.

  قلنا: لو جاز أن يعرى الجسم فيما لم يزل عن هذه المعاني لجاز أن يعرى الآن، ولو جاز ذلك لجاز أن يأتي أحد من أقصى العالم ويقول إنه شاهد هناك جسماً لا مجتمعاً ولا مفترقاً، ولا متحركاً ولا ساكناً، فلا يشك العاقل في تكذيبه، والعقلاء بأسرهم لا يشكون في تكذيبه، وإذا ثبت استحالة خلو الجسم الآن من المعنى ثبت استحالة خلوه منه فيما لم يزل.

  ويقال لهم: إذا حدث الاجتماع والافتراق في الجسم بعد خلوه منهما فأيهما سبق إليه؟

  فإن قال: الاجتماع.

  قلنا: كيف يجتمع ما لم يكن مفترقاً؟