الباب السادس عشر: في بيان أخبار الذين خرجوا في الدين
  سنة حين وقعت عكاظ بين قيس وكنانة(١)، ثم بعد ذلك سافر إلى الشام للتجارة لخديجة وكان له خمس وعشرون سنة(٢)، ولما رجع من الشام تزوج بخديجة وكان له خمس وثلاثون سنة(٣).
  ولما جددوا إعمار الكعبة وتنازعت القبائل في وضع الحجر الأسود على موضعه، فكل قبيلة قالوا نحن نضع، ثم رضيت قريش بحكم النبي ÷ فأمر من كل قبيلة رجلاً فحملوه ووضعوه على مكانه وانقطعت المنازعة(٤)، وكان معظماً ومكرماً بين قريش، وكان اسمه محمد الأمين(٥)، حتى إذا بلغ أربعين سنة أوحى الله إليه، وأعطاه الرسالة في شهر رمضان، وكان بمكة ثلاثة عشر سنة(٦)، ودعا الناس إلى الإسلام، وفيما بين ذلك كانت هجرة الحبشة، أمر قوماً من الصحابة بالهجرة إلى الحبشة وأمّر عليهم جعفر بن أبي طالب(٧)، وكان حديث الصحيفة وحصار الشعب(٨)، والسبب في ذلك أن جماعة من رؤساء مكة اجتمعوا وقالوا: قد عظم أمر محمد وقد جاوز ما ظننا وكل يوم هو أقوى، ودبروا فيه وكتبوا كتاباً إلى بني هاشم وبني عبد المطلب أن لا يكلموهم، ولا يبايعوهم ويشتروا منهم، ولا يناكحوهم، وعقدوا البيعة عليه، وقلدوا الصحيفة على رقبة الصنم الكبير، وخرج أبو طالب مع النبي ÷ وبنو هاشم وبنو عبد المطلب إلى حصار الشعب وبقوا ثلاث سنين في الشعب(٩)، ومات أبو
(١) وقيل: كله أربع عشر أو خمس عشر. سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٨٤.
(٢) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٨٧.
(٣) والمشهور خمس وعشرون وقيل ثلاثون سنة. تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٠.
(٤) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٧.
(٥) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٧.
(٦) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥٩٠.
(٧) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٢١.
(٨) السير والمغازي ص ١٥٦.
(٩) السير والمغازي ص ١٥٩.