الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس: في بيان المخالفين لرسول الله ÷ وفرقهم

صفحة 62 - الجزء 1

الباب الخامس: في بيان المخالفين لرسول الله ÷ وفرقهم

  ومعلوم أن من كان في أيام الرسول ÷ موافقاً له كانوا على الحق ودين الإسلام، وما كان بينهم اختلاف، ومن خالفه كان خارجاً عن ملته ودينه وهم كانوا فرقاً كثيرة.

  وأنه ÷ ناظر كل فرقة واحتج عليهم بأنواع الحجج ودعاهم إلى الإسلام، وأقام بمكة ثلاثة عشر سنة وصبر على إيذائهم، حتى علم أنهم قد عاندوا ولم يقبلوا الحجة.

  ثم من بعد ذلك أمره - تعالى - بالهجرة والقتال، ولذلك كان أكثر أدلة التوحيد والعدل في السور التي نزلت بمكة كسورة الأنعام وغيرها، وأكثر بيان الشريعة في السور التي نزلت بالمدينة كسورة البقرة وأمثالها، وذكر الله الأدلة في التوحيد وما أحال إلى تقليد أحدٍ من الأنبياء والأئمة وغيرهم كما قال - تعالى -: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية⁣(⁣١)، وقال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٢١}⁣(⁣٢)، وأمرنا بالنظر فقال - تعالى -: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}⁣(⁣٣)، وذمّ على ترك النظر فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ١٠٥}⁣(⁣٤)، وأظهر الحجة على جميع أنواع الكفرة، وبيّن أن جميع ما كانوا عليه كفر وضلالة، وأنهم يستحقون العقاب العظيم على ذلك.


(١) سورة البقرة: ١٦٤.

(٢) سورة الذاريات: ٢١.

(٣) سورة يونس: ١٠١.

(٤) سورة يوسف: ١٠٥.