الباب الخامس: في بيان المخالفين لرسول الله ÷ وفرقهم
  فإذا نظرنا فيها عرفنا أن جميع ما عليه الكفرة باطل، ونظرنا في مذاهب أهل القبلة أيضاً علمنا أن الحق في واحد والباقي باطل، وأردنا أن نتكلم في هذه الرسالة على بطلان مذاهب الخارجين من الملة، ومذاهب أهل البدع في الملة على طريق الاختصار؛ حتى يميز بين الحق من الباطل لطالب الحق، ومن نظر في هذه الرسالة يعرف الحق فيتبعه، ويعرف الباطل فيتجنبه، وقال أمير المؤمنين # لحارث الأعور حين سألة عن الحق والباطل: «يا حارث اعرف الحق تعرف أهله»(١)، فلا بد للعاقل أن يعرف الحق والباطل؛ حتى يعلم أهل الحق وأهل الباطل.
  ومخالفو رسول الله ÷ في الدين كانوا على أنواع شتى، بعضهم كانوا مخالفين في التوحيد، وقالوا بقدم العالم، وأنكروا الصانع، وقالوا ما يحدث في العالم يحصل بطبع أو خاصية.
  وفرقة قالوا «بيزدان(٢)» و «اهرمن(٣)» وأرادوا «بيزدان» الله و «باهرمن» الشيطان وهم المجوس، وقالوا بنبوة «زردشت» و «ماني» وغيرهما.
  والفرقة الثالثة: أصحاب المتوسطات(٤) كعبدة الأوثان والنيران والنجوم، وهم فرقتان: فرقة عبدو الأشياء العلوية كالنجوم، وفرقة عبدو الأشياء السفلية كالأصنام والنيران.
  والفرقة الرابعة: النصارى، ولهم اختلافات كثيرة ومذاهب شتى في التوحيد والتثليث وفي اتحاد عيسى #.
  والخامسة: اليهود، أنكروا نبوة نبينا ÷ ونبوة كثير
(١) أنساب الأشراف ج ٢ ص ٢٧٤، تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢١٠، تفسير الكشاف ج ٤ ص ٣٨٢.
(٢) يزدان يعبرون عنه بالنور.
(٣) أهرمن يعبرون عنه بالظلمة.
(٤) أصحاب المتوسطات: من يجعلون بينهم وبين الصانع متوسطاً.