الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة
الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة
  إذا عُلم أن مذهب المسلمين في أيام النبي ÷ كان واحداً، وهذه المذاهب حدثت من بعده، وقال النبي ÷: «كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»(١)، والخلاف الذي وقع في مسائل الاجتهاد بين الصحابة والتابعين لا يدخل في هذا؛ لأن كِلا القولين يكونا صواباً(٢) ولهذا لم يتبرأ الصحابة بهذا الخلاف بعضهم من بعض، ولم يخطئ بعضهم بعضاً، ورجعوا أيضاً من قول إلى قول حتى قال أمير المؤمنين #: «اجتمع رأيي، ورأي عمر، ورأي آخرين من الصحابة، في أمهات الأولاد ألا يبعن، ثم رأيت بيعهن»(٣).
  وقال عمر بحضرة جماعة من الصحابة في مسألة المشتركة(٤): «أفتي على قولين: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا»(٥)، ولم ينكر عليه أحد.
  وعن ابن مسعود ¥ في مسألة المفوضة(٦): «اجتهد فيه برأيي»(٧)، وأمثال ذلك كثير كما قال معاذ لرسول الله ÷: «اجتهد رأيي»، فقال رسول الله ÷: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله»(٨).
(١) سبق تخريجه.
(٢) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص ١٤٢.
(٣) مصنف عبدالرزاق ج ٧ ص ٢٩١، تاريخ المدينة لابن شبة ج ٢ ص ٧٢٩، المعرفة والتاريخ ص ٤٤٢.
(٤) وهي أن يشترك فيها: زوج، وأُم، وإخوة لأُم، وإخوة لأب وأم.
(٥) مصنف عبدالرزاق ج ١٠ ص ٢٤٩، سنن الدارقطني ج ٥ ص ١٥٥، السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٤١٧.
(٦) وهي إذا مات عنها زوجها قبل الدخول أو ماتت هي.
(٧) أصول الشاشي ص ٣١٢، المعجم الكبير للطبراني ج ٢٠ ص ٢٣٢، الكنى والأسماء للدولابي ج ١ ص ١١٠.
(٨) مسند أبي داود الطيالسي ج ١ ص ٤٥٤، مسند أحمد بن حنبل ج ٣٦ ص ٣٨٢، المعجم الكبير =