الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة

صفحة 65 - الجزء 1

الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة

  إذا عُلم أن مذهب المسلمين في أيام النبي ÷ كان واحداً، وهذه المذاهب حدثت من بعده، وقال النبي ÷: «كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»⁣(⁣١)، والخلاف الذي وقع في مسائل الاجتهاد بين الصحابة والتابعين لا يدخل في هذا؛ لأن كِلا القولين يكونا صواباً⁣(⁣٢) ولهذا لم يتبرأ الصحابة بهذا الخلاف بعضهم من بعض، ولم يخطئ بعضهم بعضاً، ورجعوا أيضاً من قول إلى قول حتى قال أمير المؤمنين #: «اجتمع رأيي، ورأي عمر، ورأي آخرين من الصحابة، في أمهات الأولاد ألا يبعن، ثم رأيت بيعهن»⁣(⁣٣).

  وقال عمر بحضرة جماعة من الصحابة في مسألة المشتركة⁣(⁣٤): «أفتي على قولين: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا»⁣(⁣٥)، ولم ينكر عليه أحد.

  وعن ابن مسعود ¥ في مسألة المفوضة⁣(⁣٦): «اجتهد فيه برأيي»⁣(⁣٧)، وأمثال ذلك كثير كما قال معاذ لرسول الله ÷: «اجتهد رأيي»، فقال رسول الله ÷: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله»⁣(⁣٨).


(١) سبق تخريجه.

(٢) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص ١٤٢.

(٣) مصنف عبدالرزاق ج ٧ ص ٢٩١، تاريخ المدينة لابن شبة ج ٢ ص ٧٢٩، المعرفة والتاريخ ص ٤٤٢.

(٤) وهي أن يشترك فيها: زوج، وأُم، وإخوة لأُم، وإخوة لأب وأم.

(٥) مصنف عبدالرزاق ج ١٠ ص ٢٤٩، سنن الدارقطني ج ٥ ص ١٥٥، السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٤١٧.

(٦) وهي إذا مات عنها زوجها قبل الدخول أو ماتت هي.

(٧) أصول الشاشي ص ٣١٢، المعجم الكبير للطبراني ج ٢٠ ص ٢٣٢، الكنى والأسماء للدولابي ج ١ ص ١١٠.

(٨) مسند أبي داود الطيالسي ج ١ ص ٤٥٤، مسند أحمد بن حنبل ج ٣٦ ص ٣٨٢، المعجم الكبير =