الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة
  وأما في مسائل الأصول فظهر في أيام متفرقة، وأول خلاف(١) حدث بعد النبي ÷ كان خلاف يوم السقيفة؛ لأن الأنصار قالوا: ينبغي أن يكون الإمام منا، وأرادوا أن يبايعوا سعد بن عبادة، ولما صار الأمر إلى المنازعة قالوا للمهاجرين: «يكن منا أمير ومنكم أمير»(٢)، فظهر منها ثلاثة أقوال:
  ١ - فقال قوم من الأنصار: ينبغي أن يكون سعداً.
  ٢ - وجماعة من المهاجرين قالوا: ينبغي أن يكون الإمام أبا بكر.
  ٣ - وجماعة كانوا مع أمير المؤمنين وقالوا: هو أولى بالإمامة، كعباس، والزبير وطلحة، وسلمان وأبي ذر، وعمار ومقداد وغيرهم، حتى قال العباس ¥:
  ما كنت أحسب أن الأمر منحرف ... عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
  أليس أول من صلى لقبلتكم ... وأعلم الناس بالأثار والسنن
  فما الذي صدكم عنه لنعرفه ... ها أن بيعتكم من أول الفتن(٣)
  وظهر من هذا أربع مسائل:
= للطبراني ج ٢٠ ص ١٧٠.
(١) وقال بهذا الشيخ أبو القاسم البلخي، وذكر الشيخ أبو علي الجبائي أن أول خلاف حدث هو اختلافهم في أمر عثمان في آخر أيامه، وقال القاضي عبدالجبار أن سبب عدم ذكر الشيخ أبو علي للسقيفة كأول خلاف أنه لم يستقر فيه الخلاف وزال عن قرب. فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص ١٤٢.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة ج ٢ ص ١١٨.
(٣) في الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار ص ٢٢١: وقال بعض ولد أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم شعرا:
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف ... عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
أليس أول من صلى لقبلتكم ... وأعلم الناس بالقرآن والسنن
وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن ... جبريل عون له في الغسل والكفن
ما فيه ما فيهم لا يمترون به ... وليس في القوم ما فيه من الحسن
ماذا الذي ردهم عنه فتعلمه ... ها إن ذا غبننا من أعظم الغبن