الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة

صفحة 68 - الجزء 1

  قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة»⁣(⁣١)، وفي الهدية طلبوا شاهدين، وما ضرهم لو قبلوا قولها كما قيل في دعواها:

  ومَا ضَرَّهُم لَوْ صَدَّقُوها(⁣٢) بِمَا ادَّعَتْ ... ومَاذَا عَلَيْهِم لَوْ أَطَابُوا جَنَانَها

  وقَدْ عَلِمُوهَا بِضْعَةً مِنْ رَسُولِهِمْ(⁣٣) ... فَلِمْ طَلَبُوا فِيْمَا ادَّعَتْهُ بَيَانَهَا

  وهذا الخلاف أيضاً باقٍ في الأمة.

  فأما خلاف المرتدين كان خلافاً مع الكفار لا مع المسلمين⁣(⁣٤) وهم كانوا فرقاً:

  فرقة: أنكروا جميع الإسلام.

  وفرقة قالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة.

  وفرقة قالوا: نقر بالإسلام ولكن لا نقيم الصلاة ولا نؤتي الزكاة.

  ولا خلاف أن من كان على هذه الجملة مرتد ويجب محاربتهم، واتفقت الصحابة على قتالهم، وأمير المؤمنين أمر بقتالهم، وكانت أم محمد بن الحنفية من غنيمة المرتدين، وقعت في سهم أمير المؤمنين، وأولد منها محمداً.

  فأما ما قاله الروافض أن العرب لم ترتد، ولكن قالوا لا نرضى بإمامة أبي بكر؛ لأن الإمام هو أمير المؤمنين # لذلك قاتلهم أبو بكر، فهو باطل وكذب؛ لأن الأخبار تواترت على ردتهم وما قال هذا أحد سواهم، ولو كان كذلك لما أمر أمير المؤمنين بقتالهم ولم يوافق الصحابة في قتالهم، ولما أتى أبو


(١) مسند إسحاق بن راهويه ج ٢ ص ٣٤١، مسند البزار ج ٣ ص ١٨٩، صحيح ابن خزيمة ج ٤ ص ١٢٠.

(٢) مكتوب: سامحوها، والمثبت هو المشهور.

(٣) المذكور في الشافي وغيره نبيهم.

(٤) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص ١٤٢.