الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الثاني عشر: في بيان مذهب المجبرة

صفحة 97 - الجزء 1

  قال أبو القاسم البلخي: قال النجار: قطب الرحى⁣(⁣١) يتحرك ولا ينتقل، وهذا فساد في الحس، ويُجوّز القول بالبدل⁣(⁣٢)، والنجار⁣(⁣٣) كان في أيام خلفاء بني العباس وأظهر هذه البدع، والمتكلمون من أهل الإسلام كأبي الهذيل وأمثاله ردوا عليه مقالته، ومذهب جهم كان ابتداء ظهوره في أيام الظاهرية فقُتل جهم.

  ومن المجبرة: الكُلَّابية⁣(⁣٤)، والأشعرية⁣(⁣٥) من متأخريهم أحدثوا مذهب في الجبر كإضافة خلق أفعال العباد إلى الله - تعالى -، وأن الاستطاعة مع الفعل، وأن الله - تعالى - يكلف عباده ما لا يطيقون، وجوزوا على الله أن يعاقب العبد ابتداء بلا جرم.

  ومنهم البكرية⁣(⁣٦): ومما اختصوا به أنهم قالوا إن الطفل لا يألم.


(١) قطب الرحى: هو المسمار الذي تدور عليه الأرحية التي يطحن عليها بالحيوانات والماء. الديباج الوضي ج ٢ ص ٩٨٤.

(٢) هو القول بوجود البدل عن المبدل منه حال وجود المبدل منه، نحو وجود الإيمان حال الكفر، ومذهب العدلية وغيرهم أنه لا يجوز البدل عن الموجود الحاصل، لكن ما من موجود له ضد إلا وكان يصح وجود ضده بدلاً عنه قبل وجوده، والذي دعا النجار إلى القول بالبدل: هو الفرار من أن يلزم على قاعدته في إيجاب القدرة تكليف ما لا يطاق. المعراج إلى كشف أسرار المنهاج ج ٣ ص ٣٨.

(٣) حسين بن محمد بن عبد الله النجار الرازي، من متكلمي المجبرة، له تصانيف منها: البدل، والإرجاء، والقضاء والقدر، توفي نحو سنة ٢٢٠ هـ. الأعلام ج ٢ ص ٢٥٣.

(٤) نسبة إلى أبو محمد عبد الله بن محمد بن كلاب القطان، من بابية الحشوية، له مع عباد بن سليمان مناظرات، وله مصنفات منها: الصفات، وخلق الأفعال، والرد على المعتزلة، توفي بعد سنة ٢٤٠ هـ. الفهرست ص ٢٢٤.

(٥) نسبة أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري، بصري كان معتزلي أولاً، ثم خالف شيخه أبو علي الجبائي، له تصانيف منها: اللمع، والموجز، وإيضاح البرهان، توفي سنة ٣٢٤ هـ. الفهرست ص ٢٢٥.

(٦) نسبة إلى أبي بكر، قيل لادعائهم النص على أبي بكر، واختصوا أن لا توبة للقاتل، وأن النبي ÷ نص على أبي بكر في الإمامة، ومنهم عبدالله بن عيسى البكري. =