الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب في الهدى والضلال

صفحة 158 - الجزء 1

  الوعيد العظيم والعقاب الأليم.

  ولأن الإضلال عن الدين قبيح، والله - تعالى - لا يفعل القبيح، وقد أضاف الله - تعالى - الإضلال عن الدين إلى الكفار فقال: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ٧٩}⁣(⁣١)، وقال: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ٨٥}⁣(⁣٢)، وحكى عن أهل النار أنهم يقولون: {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ٩٩}⁣(⁣٣) [الشعراء: ٩٩]، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا}⁣(⁣٤)، وأضاف إلى نفسه الهداية فقال: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣(⁣٥).

[الهدى والضلال في القرآن]:

  فأما الهدى والضلال في القرآن فعلى وجوه:

  فالهداية: تكون بمعنى البيان والدلالة: يعني بيّن طريق الهدى ونصب الدلالة عليه كقوله - تعالى -: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}، وقال في صفة القرآن: {هُدًى لِلنَّاسِ}⁣(⁣٦).

  والهداية: بمعنى زيادة الألطاف والتأييد: كقوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣(⁣٧).

  والهداية: بمعنى الثواب: كقوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥}⁣(⁣٨)، يعني إلى الجنة.


(١) سورة طه: ٧٩.

(٢) سورة طه: ٨٥.

(٣) سورة الشعراء: ٩٩.

(٤) سورة فصلت: ٢٩.

(٥) سورة فصلت: ١٧.

(٦) سورة البقرة: ١٨٥.

(٧) سورة محمد: ١٧.

(٨) سورة محمد: ٥.