تحفة المتأمل في سيرة العالم الأجل،

عبدالصمد عبدالرحمن عبدالله المتوكل (معاصر)

الإصلاح بين الناس

صفحة 27 - الجزء 1

  حقه، وإنّما هو الحقُّ، والله المطّلع على ذلك، وقد كنا نتعجب من همته العالية، وحرصه الشديد على الإصلاح بين الناس، فلا تحصل مشكلةٌ إلَّا ذهب بنفسه لحلها، وأصلحها بفضل الله وعونه، وبذلك أوصى أولاده في وصيته بالإصلاح بين الناس.

  لهذا ... كان يطوف البلدان، ويسعى بنفسه في القرى والأمصار، فلا يسمع بمشكلة تحصل صغيرة كانت أو كبيرة، في بلدٍ قريبٍ أو بعيدٍ سواء بين قبيلتين متحاربتين، أو شخصين متخاصمين، أو حتى على أبسط قضية تقع بين رجل وامرأته إلَّا سعى في حلها بنفسه، ولو سافر لأجلها أياماً، وكان يذهب بسيارته إلى البلدان، ويقوم بتمويلها بما تحتاجه من بترول وغيره على حسابه الخاص، وليس له من أيّ أحدٍ لا جزاء ولا شكورا، ولا حتى من الأطراف المتنازعة، فلا يأخذ شيئاً من أيّ طرف، وإنّما يعمل ذلك لله والدار الآخرة.

  أخلصت في نفع العباد ونصحهم ... لا لم يجد فيك التواني مربضا

  خضت البلاد جبالها وسهولها ... ما زلت في مسعاك هذا ريضا

  لذلك ... كلّل الله عمله بالتوفيق، وسعيه بالنجاح، مع أنه ليس له سلطة ولا قوة عليهم، وإنَّما تأييد الله وتوفيقه له؛ حيثُ أودع له في القلوب محبةً ورحمةً، مع استجابة الله لدعائه.