تحفة المتأمل في سيرة العالم الأجل،

عبدالصمد عبدالرحمن عبدالله المتوكل (معاصر)

كرامة الاستسقاء

صفحة 68 - الجزء 1

  أمَّا بِئره العذبة - التي بجوار مسجده المبارك - فكانت عذوبة مائها تفوق كثيراً من الآبار، وربما نافست بئر اثلة - بقفلة عذر - وكانت البركة فيها عظيمة حيث كانت تكفي الناس جميعاً؛ بل وتكفي قبيلة ذو صولان كافّة، فيشربون منها ويغتسلون ويسقون منها دوابّهم وأنعامهم مع أنه كان لا يوجد بئرٌ غيرها إلَّا أنَّ الله تعالى بارك فيها بفضله سبحانه، ثمّ بفضل وبركة صاحبها مع نيته الطيبة، وأعماله الحسنة، ودعواته المباركة؛ بل إنّ الله قد جعل بركةً في ذلك المكان بفضل أعمال صاحبها الصالحة، وكما يعلم الله أنّ القلوبَ كانت تنشرحُ كل الانشراح عندما تصل إلى ذلك المكان المبارك محل بيته ومزرعته؛ بل وتطمئن صدُورنا، وترتاح أفئدتنا بمجرد ذكرنا لزيارة والدنا الكريم، وحيّ مقامه السامي الشريف بذو صولان، كما ذلك معلومٌ لدينا، ومشهورٌ عند أهل البلاد، ولا ينبئك مِثلُ خبير، ولا زالت بركات ذلك الشاطي وخضرة زرعه متنامية، وعذوبة بئره وبركة مائها مستمرة متواصلة؛ بل ونور ذلك المكان محل إقامته ومسجده، وبهاء تلك البقعة المباركة حيةٌ قائمة حتى توفاه الله تعالى وقَبِله إلى جواره، فقلّت الخيرات والبركات من ذلك المكان، فقلّ ماءُ تلك البئر، وقلّت عذوبتها، وما إن ارتحل من هناك