تحفة المتأمل في سيرة العالم الأجل،

عبدالصمد عبدالرحمن عبدالله المتوكل (معاصر)

بره وطاعته بأمه

صفحة 46 - الجزء 1

برّه وطاعته بأمه

  كان بأُمّه برّاً مطيعاً، رؤوفاً رحيماً، لم نرَ أحداً في زمانه برَّ أُمّه مثل برِّه بها؛ لهذا فإنه بلغ في برّه بها، وحسن طاعتها، وتطييب خاطرها، والعناية بها، ومراعات عاطفتها، مبلغاً عظيما، فكان بها باراً عطوفاً، حنوناً شفيقاً، لا يعصي لها أمراً، ولا يخالف لها قولاً؛ بل يلين جانبه، ويخفض لها جناح الذل من الرحمة بين يديها، فإذا ما نادته يا عبدَالله أجابها مسرعاً نحوها بقوله: حاضر يا أماه مرحبا مرحبا، لا يخالفها في شيء تريده، ولو كان في ذلك مشقة عليه، أو في ذلك عناء به، وهذا هو البرّ الحقيقي الذي أوصانا الله به في كتابه.

  هذا ... وقد أخبرنا بعض الإخوان أنه كان إذا أراد أحدٌ منه شيئاً استشفعوا عند أُمّه، أو طلبوه من جهة أمه، فلا يَردّ لها طلباً، ولا يخالفها فيما تريد.

  ما قال أُفٍ لأُمٍ لا؛ ولا أبدا ... ومن يرد حاجةً منهُ بها وصل

  فطاعة الله في الآباء قد حملا ... وساير الناسَ بالأخلاق والنُبل

  وأيضاً: أخبرنا بعض الأرحام في الأسرة الكريمة أنّ أُمّه كانت تغضب قليلاً ومع هذا كان بها برّاً مطيعا، لا يعصي لها قولاً أبداً، ولا يتأفف منها قطّ، ولا يتضجّر من حالها، أو يُقصّر في حقها