وقوله أيده الله: «محمد» هو مفعّل من الحمد [ألهمه ø]⁣^(⁣١) أهله [أن يسمونه]⁣^(⁣٢) بذلك؛ لعلمه بكثرة محامده، وفي الكتاب المذكور بالإسناد المتصل إلى رسول الله ÷ أنه قال: «لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب»⁣^(⁣٣)، قال: فأما اسمه أحمد فَأَفْعَلُ مبالغة في صفة الحمد، ومحمد مُفَعَّلُ مبالغة من كثرة الحمد، فهو ÷ أجل من حَمِدَ، وأفضل من حُمِدَ، وأكثر الناس حمدًا، فهو أحمد المحمودين، وأحمد الحامدين، ومعه لواء الحمد، ويبعثه ربه هناك مقامًا محمودًا يحمده فيه الأولون والآخرون [لشفاعته لهم]⁣^(⁣٤)، ويفتح عليه فيه من المحامد، كما قال ÷: ما لم يُعْطَ غيره، وسمى [الله] أمته في كتب أنبيائه الحمَّادين، فحقيقٌ أن يُسَمَّى محمدًا وأحمدَ إلى آخر ما ذكره⁣^(⁣٥). وأورد البغوي⁣^(⁣٦) من شعر حسان بن ثابت⁣^(⁣٧):

  أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ ... مِنَ اللهِ [من نورٍ]⁣^(⁣٨) يَلُوحُ وَيُشْهَدُ

  وَضَمَّ الإلهُ اسمَ النَّبِيِّ إلى اسمِهِ ... إذا قال في الخمس المؤذنُ: أَشْهَدُ

  وَشَقَّ له مِن اسمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو العَرْشِ مَحْمُودٌ وهذا مُحَمَّدُ⁣^(⁣٩)

(١) في (ب، ج): ألهم الله.

(٢) في (ب): يسموه.

(٣) أخرجه البخاري ٤/ ١٨٥٨ رقم (٤٦١٤)، كتاب التفسير - تفسير سورة الصف، ومسلم ٤/ ١٨٢٨، كتاب الفضائل - باب في أسمائه ÷، والشفاء بتعريف حقوق المصطفى ١/ ٤٤٤.

(٤) في (ب): لشفاعته ÷.

(٥) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ١/ ٤٤٥.

(٦) أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي، مفسر ومحدث، وكان بحرًا في العلوم وصاحب تصانيف، توفي سنة ٥١٦ هـ، وله معالم التنزيل في تفسير القرآن، وشرح السنة في الحديث، ومصابيح السنة، والجمع بين الصحيحين وغيرها. ينظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد شهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد العكري الحنبلي الدمشقي - دار ابن كثير - دمشق - ط ١ (١٤١٦ هـ/١٩٩٥ م). ٦/ ٧٩.

(٧) حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري الخزرجي، شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي في النبوة، وهو من فحول الشعراء، توفي قبل الأربعين، وقيل سنة ٤٥ هـ. ينظر: الاستيعاب ٢/ ٦، وأسد الغابة في معرفة الصحابة ٢/ ٨.

(٨) في شرح ديوانه: مشهود.

(٩) شرح ديوان حسان بن ثابت، لـ عبد الرحمن البرقوقي - المكتبة التجارية الكبرى - مصر - ط (١٣٤٧ هـ/١٩٢٩ م) ص ٧٨.