تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

[شرح خطبة الأثمار]

صفحة 146 - الجزء 1

  التخلص؛ لأن حقيقة التخلص عندهم: هو الانتقال مما يبتدأ به الكلام إلى المقصود مع رعاية الملاءمة بينهما.

  والاقتضاب: هو الانتقال من دون رعاية الملاءمة، فقوله: «وبعد» اقتضابٌ من جهة أنه انتقال من الحمد وما اتصل به إلى كلام آخر من غير ملاءمة، وهو شبيه بالتخلص؛ لأنه لم يكن الانتقال فجأة، بل مع نوع ربط وتنبيه على الانتقال.

  وقوله: «فهذا» يحتمل أن يكون إشارة إلى المختصر الميمون بعد كمال تأليفه، وأن يكون إشارة إلى ما في ذهن [مؤلفه]⁣(⁣١).

  وحقيقة المختصر: هو ما قلت ألفاظه وكثرت معانيه.

  والمبارك: الكثير الخير. والتوفيق في اصطلاح المتكلمين: هو اللطف الذي يفعل المكلف عنده الطاعة لا محالة، وقد يراد به التيسير والإعانة.

  وقوله: (اختصرت فيه وحولت كثيرًا من ألفاظِ أصله، وزدت فيه غررًا من المعاني): الاختصار ضربان: أحدهما: التعبير عن المعاني الكثيرة بألفاظ يسيرة من دون حذف. والآخر: يكون بحذف بعض الألفاظ التي يؤدى بها أصل المعنى المقصود من دون إخلال، وهو المراد هاهنا.

  وأراد بأصله: كتاب الأزهار الذي لم يُسبق إلى تأليف⁣(⁣٢) مثله في سالف الأعصار.

  وشبه الزوائد الشريفة التي أودعها المختصر الكريم بالغرر؛ لجودتها وجلائها.

  وفي قوله: «اختصرت وزدت» مطابقة؛ لأن اختصرت هنا بمعنى حذفت كما تقدم⁣(⁣٣).

  قوله: (وأوضحت فيه مشكلات من مسائل فنه، وصححت فيه جما غفيرًا من المباني). المشكلات من المسائل: هي الملتبسة معانيها، وإيضاحها: إزالة لبسها، ولم يصفها المؤلف بالكثرة؛ إما لقلتها، وإما احتراما وتوقيرا لمؤلف الأزهار - رحمة الله عليه - ورضوانه - وهو جدير بذلك على أنه لم يضف المشكلات إلى الأزهار بل إلى مسائل فنه، وهو الفقه، وهذا أبلغ في التوقير⁣(⁣٤).


(١) في (ب، ج): المؤلف.

(٢) في (ج): إلى تأليفه.

(٣) في (ك): زيادة وهي: والحذف والزيادة متقابلان كما لا يخفى.

(٤) في (ب، ج): في الاحترام.