تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 520 - الجزء 1

  قلنا: لم يُبَحِ التيمم مع وجود الماء، ولا تصلى صلاة في يوم مرتين؛ لحديث ابن عمر⁣(⁣١)، وسيأتي.

  وأجيب عنهما بأن الواجبة إنما هي الصلاة بالوضوء، ولكن يصلي بالتيمم لحرمة الوقت؛ ولئلا يعد من الغافلين.

  قلت: ومقتضى هذا الجواب أن الصلاة بالتيمم إنما هي مندوبة، ولعل ذلك مرادهما، والله أعلم.

  قوله أيده الله: (وعدمه مع الطلب في الميل بسؤال من قبيل تضيق الصلاة إلى آخر الوقت). هذا هو الثالث من الأمور المسوغة للعدول إلى التيمم، وهو عدم الماء بعد طلبه؛ لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}⁣(⁣٢).

  وإنما يتحقق عدم الوجود بعد الطلب. وللطلب شروط:

  الأول: أن يكون بسؤال، بمعنى أنه لا بد مع المسير في طلب الماء من السؤال عنه إذا وجد من هو أخبر منه بتلك الجهة، وإنما وجب السؤال؛ إبلاء للعذر في طلب الماء.

  الشرط الثاني: أن يستمر الطلب مع السؤال من وقت تضيق وجوب الوضوء، وهو قبيل تضيق الصلاة، فإن كان مقيما غيره⁣(⁣٣) معذور وجب عليه الطلب من أول بقية في وقت الاختيار تسع قطع المسافة إلى الماء المعلوم، أو المظنون في الميل؛ لأن المصير إلى الماء الموجود في البلد مجمع على وجوبه، وهذا الإجماع مبين لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} ومن أول بقية في وقت الاضطرار للمسافر والمعذور يتسع لما ذكر.

  وقوله: في الميل معنى أنه يجب على المقيم أن يطلب الماء في بلده


(١) أخرجه أبو داود ١/ ٣٨٩ رقم (٥٧٩)، كتاب الصلاة - باب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جماعة يعيد، ولفظه: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين»، والنسائي في سننه ٢/ ١١٤ رقم (٨٦٠)، كتاب الصلاة - باب سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد جماعة، وابن خزيمة في صحيحه ٣/ ٦٩ رقم (١٦٤١)، باب النهي عن إعادة الصلاة على نية الفرض، وابن حبان في صحيحه ٦/ ١٥٥ رقم (٢٣٩٦)، باب إعادة الصلاة، وابن أبي شيبة في مصنفه ٢/ ٧٨ رقم (٦٦٧٥)، باب من كان يكره إعادة الصلاة، والبيهقي في سننه ٢/ ٣٠٣، باب من لم ير إعادتها إذا كان قد صلاها في جماعة.

(٢) سورة النساء: ٤٣.

(٣) في (ب، ج): مقيم غير معذور.