تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 521 - الجزء 1

  وميلها من الجهات الأربع، وإن كان مسافرا ففي طريقه وميلها من الجهات الأربع.

  وهذا الذي ذكره المؤلف أيده الله تعالى، [وهو]⁣(⁣١) تحقيق ما ذهب إليه الهادي وحمل عليه كلامه⁣(⁣٢)، وهو موافق لما ذهب إليه المنصور بالله، واختاره الإمام يحيى من أن الطلب إنما يجب في الميل فقط⁣(⁣٣). وعن الغزالي: مقدار ما يلحقه الغوث إذا استصرخ⁣(⁣٤).

  وعن بعض أصحاب الشافعي: محتطب القرية ومرعاها⁣(⁣٥)، وقيل: في موارد البلد المعتادة⁣(⁣٦).

  وعن أبي حنيفة وأصحابه: لا يجب الطلب كما لا يجب على الفقير طلب ما يكفر به⁣(⁣٧). وعنه يعلو نشزًا من الأرض وينظر حوله، فإن⁣(⁣٨) رأى ماء في الميل ذهب إليه، وإلا تيمم⁣(⁣٩). لنا ما سبق. ولا دليل على ما اعتبروه في طلب الفقير للكفارة [لأن هناك] مشقة أو منَّة فافترقا⁣(⁣١٠).


(١) في (ب، ج): هو، بدون "واو".

(٢) نص في الأحكام ١/ ٧١ على: من أصابته جنابة في ليله أو نهاره في ليله أو نهاره، وكان الماء منه على مسافة يعلم أنه يلحقه أو يبلغه في الليل قبل طلوع الفجر أو في النهار قبل مغيب الشمس وجب عليه طلبه ما لهم يمنعه مانع أو يقطعه قاطع عن بلوغه .... بلوغه قاطع. وهو يعني أن يطلبه إلى آخر الوقت، فالعبرة عنده هي الزمن وليست المسافة. وإنما قدر الإمام المهدي المسافة على قول الهادي بالميل تخريجا، فقال في البحر ١/ ١١٤ ما نصه: قلت: وَقَوْلُ الهادي مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَبَ إنَّمَا يَتَضَيَّقُ قُبَيْلَ وَقْتِ تَضْيِقِ الصَّلاَةِ، وَذَلِكَ قُبَيْلَ أَوَّلِ الاضْطِرَارِ فِي الْحَضَرِ، وَقُبَيْلَ آخِرِهِ فِي السَّفَرِ بِمَا يَتَّسِعُ لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ إلَيْهِ فِي الْمِيلِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلاَةِ؛ لِلإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي الْبَلَدِ، وَهَذَا الإِجْمَاعُ مُبَيِّنٌ لِمُجْمَلٍ {فَلَمْ تَجِدُوا} (المائدة: ٦] فَهُوَ حِينَئِذٍ أَيْسَرُ الأَقْوَالِ لاَ أَشَقُّهَا، كَمَا يَزْعُمُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا؛ إذْ لاَ وَجْهَ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ التَّضَيُّقِ، كَتَحْصِيلِ الْمَالِ لِلدَّيْنِ قَبْلَ تَضْيِقٌ الْقَضَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(٣) المهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٢٢، والانتصار ٢/ ١٣٣، والتذكرة الفاخرة ص ٦٨، والبحر الزخار ٢/ ١١٤.

(٤) الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي ص ١٧، ورمز له (ح) إشارة إلى مذهب أبي حنيفة.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١/ ١٩٩، وحاشية قليوبي وعميرة ١/ ١١٦ - ١١٧، وروضة الطالبين ص ٤٢.

(٦) قال القفال في حلية العلماء ١/ ٢٤٤: في مواضع الطلب في العادة. اهـ. وهذا الذي ذكر عن الشافعية ليس خلافًا، بل هو عندهم على مراتب ثلاث. ينظر روضة الطالبين ص ٤٢ - ٤٣.

(٧) شرح فتح القدير ١/ ١٢٥، وبدائع الصنائع ١/ ٤٧، والبحر الرائق ١/ ٣٤٤، وفيها أنه يجب الطلب قد رمية سهم أو ثلاثمائة ذراع إن ظن أن الماء يوجد فيها، وإلا فلا يجب عليه الطلب. قالوا: ويتيمم إذا كان بعيدا عن الماء قدر ميل. انظر: البحر الرائق ١/ ٣٠٤، وبدائع الصنائع ١/ ٤٧، وشرح فتح القدير ١/ ١٠٧.

(٨) في (ب، ج): فإذا رأى.

(٩) لم أقف على هذا القول.

(١٠) لأن الماء لا يُمَنُّ به في العادة، أمَّا الرقبة في الكفارة فلا يلزم قبلوها لما في ذلك من مِنة من قبل الواهب، ومشقة عليه.