كتاب الصلاة
  وأما إبدال حرف عن حرف على غير قاعدة العربية فتفسد الصلاة [به](١) إجماعًا(٢)، إلا في إبدال الظاء المعجمة ضادًا [معجمة](٣) أو عكسه، ففيه خلاف الغزالي، والإمام يحيى، فعندهما أنه لا يفسد(٤)؛ لصعوبة التمييز بينهما على أكثر الناس. وأما قوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ٢٤}(٥) فليس من الإبدال المذكور هنا؛ لأن معناه بالضاد غير معناه بالظاء، وقد قرئ بهما، وإنما الكلام في إبدال أحدهما من الآخر مع اتحاد المعنى. والله أعلم.
  قيل: وكذا يأتي لو نطق بحرف بين حرفين، كقاف العرب إذا نطق بها بين القاف والكاف فإنها تفسد صلاته. وقيل: تصح مع كراهةٍ [ونظر](٦).
  قوله أيده الله تعالى: (وبجمع بين متباينين عمدًا)(٧) إنما أعاد الباء في قوله: "وبجمع"؛ لكون هذا المفسد غير داخل تحت جنس الكلام، بخلاف ما قبله، [كذا](٨) قيل.
  والمعنى أن الجمع بين لفظتين متباينتين من ألفاظ القرآن في الصلاة مفسد لها إذا فعله المصلي عمدًا، لا حيث فعل ذلك سهوًا؛ فإنه لا يفسد، وكذا لو جمع بين آيتين أو آيات متفرقة مع تبقيته لكل آية على تركيبها فإن ذلك جائز غير مفسد؛ لأنها لا تخرج بذلك عن كونها قرآنًا معجزًا، بخلاف الجمع بين الألفاظ(٩) المفردات، فإن تركيبها على خلاف ما وضعها الله عليه يخرجها عن كونها قرآنًا معجزًا.
  وأما وجه الفرق في جمع(١٠) الألفاظ بين العمد والسهو، فهو أن الساهي قاصد للقراءة المأمور بها غير قاصد لنسبة إحدى اللفظتين المتباينتين إلى الأخرى، فهو كاللاحن بما يوجد نظيره في القرآن، فإذا أتى بالقدر الواجب على وجه الصحة صحت صلاته.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) شرح الأزهار ١/ ٢٧٢، والبيان الشافي ١/ ٢٧٢، والمحيط البرهاني ١/ ٣٦٥، وروضة الطالبين ص ١٠٩.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٤) قال الغزالي في الوجيز: وفي إبدال الضاد بالظاء تردد. اهـ. العزيز ١/ ٤٩٦، وقال الإمام يحيى في الانتصار ٣/ ٤٣٤: ذكر اصحابنا أن من جعل الظاء ضادًا والضاد ظاء بطلت صلاته ... وهذا فيه نظر؛ فإن الضاد والظاء مخرجهما متقارب.
(٥) سورة التكوير: ٢٤.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٧) لفظ الأزهار ص ٤٢: والجمع بين لفظتين متباينتين عمدًا.
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٩) في (ب): بين ألفاظ.
(١٠) في (الأصل، ج): في جميع.