تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 356 - الجزء 2

  قوله أيده الله تعالى: (ولصحة إسلام) أي ويشرط لصحة الجمعة: إسلام مصليها، فلا تصح من كافر، وإن كانت واجبة عليه، ولكنه مخاطب بها وبشرطها، وهو الإسلام، فلم تصح عنه⁣(⁣١)؛ لاختلال الشرط.

  قوله أيده الله تعالى: (ولوجوبٍ: سلامةٌ من أعذار) أي ويشترط لوجوب الجمعة، لا لصحتها، السلامة من الأعذار، فلا تجب على مريض، ولا مسافر، ولا أعمى ونحوه، ولا على عبد، ولا امرأة⁣(⁣٢)؛ لما مر، بمعنى أنها لا تتعين عليهم، وإن كانت تجزيهم عن الظهر، وتجزئ بهم كما تقدم، وإنما يرخص فيها للأعمى حيث لا يجد قائدا، وكذلك المقعد حيث لا يجد من يحمله عندنا⁣(⁣٣). وإنما يرخص فيها للمسافر السائر، لا النازل في موضع إقامتها، أو ما في حكمه، فلا يرخص له في تركها⁣(⁣٤).

  وعن أبي حنيفة، والشافعي: لا جمعة له مطلقا⁣(⁣٥)؛ لظاهر الخبر.

  وقال في الكافي: تجب الجمعة عند الهادي، والقاسم، والناصر، على من سمع صوت الصيِّت من سور البلد في يوم هادٍ⁣(⁣٦).

  وقال زيد، والمؤيد بالله، والحنفية: لا تجب إلا على من في البلد فقط⁣(⁣٧).

  وقال مالك: تجب على من بينه وبين المصر ثلاثة أميال⁣(⁣٨).

  وعن المنصور بالله: تجب على أهل البلد المجمَّع فيه ومن في ميله.

  قوله أيده الله تعالى: (المؤيد بالله: ومصر لا مسجد) قال المؤيد بالله: ويشترط أيضا لوجوب الجمعة مصر جامع، ولا يشترط المسجد عنده، وقد تقدم الكلام في ذلك⁣(⁣٩).


(١) في (ب، ج): فلم تصح منه.

(٢) في (ج): ولا على امرأة.

(٣) شرح الأزهار ١/ ٣٤١، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٧، وهو قول الشافعية. قال في روضة الطالبين ص ١٩٤: يجب على الزّمِن الجمعة إذا وجد مركوبًا ملكًا أو بإجارة أو إعارة، ولم يشق عليه الركوب، وكذا الشيخ الضعيف، ويجب على الأعمى إذا وجد قائدًا متبرعا أو بأجرة وله مال، وإلا فقد أطلق الأكثرون أنها لا تجب عليه. وقال القاضي حسين: إن كان يحسن المشي بالعصا من غير قائد لزمه.

(٤) التذكرة الفاخرة ص ١٢٧، وشرح الأزهار ١/ ٣٤٤.

(٥) روضة الطالبين ص ١٩٤، والهداية ١/ ١٠٠.

(٦) شرح الأزهار ١/ ٣٤٣.

(٧) شرح الأزهار ١/ ٣٤٤، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٣٦، وبدائع الصنائع ١/ ٢٦٠، والهداية ١/ ١٠١.

(٨) المدونة ١/ ٢٣٣، والكافي في فقه أهل المدينة ١/ ١١٤، وعيون المجالس ١/ ٤٠٢.

(٩) ينظر ص ١٢٧٤.