تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 384 - الجزء 2

  المسافر ميل بلده⁣(⁣١). وعن بعض التابعين⁣(⁣٢)، يقصر عند نية السفر، ولو في منزله⁣(⁣٣).

  وعن المؤيد بالله، والشافعي: إذا جاوز عمران بلده⁣(⁣٤).

  وعن أبي حنيفة وأصحابه: إذا جاوز باب المصر، أو ما يجري مجراه⁣(⁣٥)، وعن مجاهد: إن خرج نهارًا فإذا أمسى، وإن خرج ليلا فمتى أصبح⁣(⁣٦).

  قلنا: القصد مفارقة البلد؛ إذ لا يسمى مسافرًا من لم يفارق بلده، ولا يسمى مفارقًا عرفًا من لم يخرج من الميل؛ إذ الميل للبلد كالساحة للدار، وما عدا ذلك تحكم.

  وقوله: "حتى يرجعه" أي لا يزال يقصر من تكاملت شروط القصر المذكورة في حقه، وهي: أن يجاوز ميل بلده، قاصدًا للسفر مسافة بريد فصاعدًا، حتى يتفق له أحد ثلاثة أمور:

  أولها: أن يرجع إلى ميل بلده ولو بغيره اختياره بأن ترده الريح، أو تجمح به الدابة أو نحو ذلك، فيجب عليه حينئذ أن يصلي تمامًا.

  الأمر الثاني: ما قصده المؤلف أيده الله بقوله: (أو تجاوز في موضع شهرًا) يعني إذا وقف في موضع في حال سفره وهو عازم على النهوض منه قبل مضي عشرة أيام، لكنه يقول: اليوم أخرج، غدًا أخرج، فيعرض ما يثبطه، فإنه عندنا لا يزال يقصر حتى يتعدى شهرًا، ومتى زاد على الشهر أتم، ولو كان عازمًا على النهوض في الحال. هذا هو المذهب⁣(⁣٧)؛ لما روي عن علي أنه قال: يتم الذي يقيم عشرًا والذي يقول: اليوم أخرج، غدا أخرج يقصر شهرا⁣(⁣٨).


(١) وهو قول الإمام الهادي. ينظر: البحر الزخار ٢/ ٤٤، والمنتخب ص ٥٢، وشفاء الأوم ١/ ٤١٩.

(٢) عطاء، والحارث. من بين السطور في (ب).

(٣) وهو قول عطاء، والأسود، والحارث بن أبي ربيعة؛ حيث قالوا: إذا نوى السفر جاز له القصر في منزله بمجرد النية. ينظر الحاوي ٢/ ٤٨٣.

(٤) ينظر: الانتصار ٤/ ٢٣٠، والبحر الزخار ٢/ ٤٤، وشفاء الأوام ١/ ٤١٩، والمهذب ١/ ٣٣٧.

(٥) ينظر: البحر الرائق ٢/ ٢٠٣.

(٦) ينظر: المغني ٢/ ٩٨، والأوسط ٤/ ٣٥٤.

(٧) وكما هو قول الإمامية. ينظر: الأحكام ١/ ١٢٥، والتحرير ١/ ١١٣، ورأب الصدع ١/ ٣٦٩، والتجريد ص ٧٢، والأوسط ٤/ ٣٥٦، واللمعة الدمشقية ١/ ٧٨٣.

(٨) مجموع الإمام زيد ص ١٤٨، وأصول الأحكام ١/ ١٦٥ رقم (٥٤٥)، ومصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٢٠٨، وعبد الرزاق ٢/ ٥٣٢.