تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب السادس في فضل الحسن والحسين @ وما يتصل بذلك

صفحة 167 - الجزء 1

  فَإِنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْمًا ... وَإِنْ نُهْزَمْ فَغَيْرُ مُهَزَّمِينَا

  أَلَا ثُمَّ لَا تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إِلَّا كَرَيْثِ مَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ، حَتَّى تَدُورُ بِكُمُ الرَّحَا، عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي، فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ، ثُمَّ كِيدُونِي جَمِيعًا فَلَا تُنْظِرُونِ، إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ، مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

  اللَّهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ، وَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلَامَ ثَقِيفٍ يَسْقِهِمْ كَأْسًا مُرَّةً، وَلَا يَدَعُ فِيهِمْ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، قِتْلَةً بِقِتْلَةٍ وَضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ، يَنْتَقِمُ لِي وَلِأَوْلِيَائِي وَأَهْلِ بَيْتِي وَأَشْيَاعِي مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ غَرُّونَا وَكَذَبُونَا وَخَذَلُونَا، وَأَنْتَ رَبُّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

  ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ؟! ادْعُوا لِي عُمَرَ، فَدُعِيَ لَهُ، وَكَانَ كَارِهًا لَا يُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ؛ أَنْتَ تَقْتُلُنِي، تَزْعُمُ أَنْ يُوَلِّيَكَ الدَّعِيُّ ابْنُ الدَّعِيِّ بِلَادَ الرَّيِّ وَجُرْجَانَ؟ وَاللهِ لَا تَتَهَنَّأُ بِذَلِكَ أَبَدًا، عَهْدًا مَعْهُودًا، فَاصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَفْرَحَ بَعْدِي بِدُنْيَا وَلَا آخِرَةٍ، وَلَكَأَنِّي بِرَأْسِكَ عَلَى قَصَبَةٍ قَدْ نُصِبَ بِالْكُوفَةِ تَتَرَامَاهُ الصِّبْيَانُ، وَيَتَّخِذُونَهُ غَرَضًا بَيْنَهُمْ.

  فَاغْتَاظَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ صَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ، وَنَادَى أَصْحَابَهُ: مَا تَنْتَظِرُونَ بِهِ؟ احْمِلُوا بِأَجْمَعِكُمْ، إِنَّما هِيَ أُكْلَةٌ وَاحِدَةٌ.

  ثُمَّ إِنَّ الْحُسَيْنَ # دَعَا بِفَرَسِ رَسُولِ اللهِ ÷ الْمُرْتَجِزِ، فَرَكِبَهُ وَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللهُ، وَنَادَى غُلَامَهُ دُرَيْدًا، وَقَالَ: قَدِّمْ رَايَتَكَ، ثُمَّ وَضَعَ سَهْمَهُ فِي كَبِدِ قَوْسِهِ ثُمَّ رَمَى وَقَالَ: اشْهَدُوا لِي عِنْدَ الْأَمِيرِ - يَعْنِي عُبَيْدَاللهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللهُ وَإِيَّاهُ - أَنِّي أَوَّلُ مَنْ رَمَاهُ، فَرَمَى أَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ فِي أَثَرِهِ رَشْقَةً وَاحِدَةً، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ # إِلَّا أَصَابَهُ مِنْ رَمْيِهِمْ سَهْمٌ⁣(⁣١).


(١) رواه الخوارزمي في مقتل الحسين # ٢/ ٨ - ١١ والإمام المنصور بالله # في شرح الرسالة ص ٤٧٠ - ٤٧٤ والشهيد حميد في الحدائق ١/ ٢٠٥ - ٢٠٧ وابن حمدون في التذكرة الحمدونية ٥/ ٢١١ - ٢١٢ وابن عساكر في تأريخ دمشق ١٤/ ٢١٨ - ٢١٩ وابن العديم في تاريخ حلب ٦/ ٢٥٨٧ والزبيدي في شرح الإحياء ١٤/ ١٨٩.