الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك
  ٣٤٣ - وبه قال: أخبرنا أبي |، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: أخبرنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده:
  أن عليا # خطب فقال بعد حمد الله تعالى والثناء عليه:
  (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيكُمُ الْمَنَايَا، وَمَالُكُمْ فِيهَا نَهْبٌ لِلْحُتُوفِ وَالْمَصَائِبِ، مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ مِنْهَا شَرَقٌ، وَفِي كُلِّ أَكْلَةٍ مِنْهَا غَصَصٌ، لَا تَنَالُونَ مِنْهَا نِعْمَةٌ إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى، وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ فِي عُمْرِهِ يَوْمًا إِلَّا بِهَدْمِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ، وَلَا تَتَجَدَّدُ لَهُ زِيَادَةٌ فِي أَكْلِهِ إِلَّا بِنَفَادِ مَا قَبْلَهُ مِنْ رِزْقِهِ، وَلَا يَحْيَى لَهُ أَثَرٌ إِلَّا مَاتَ لَهُ أَثَرٌ، وَقَدْ مَضَتْ أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا، فَمَا بَقَاءُ فَرْعٍ اجْتُثَّ أَصْلُهُ!.
  إِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ لَا تَعْدُو - إِذَا هِيَ تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَتِهَا - مَا قَالَ اللهُ ø: {وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا ٤٥}[الكهف: ٤٥] مَعَ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَالَ مِنْهَا حَبْرَةً أَعْقَبَتْهُ عَبْرَةً، وَلَمْ يَلْقَ مِنْ سَرَّائِهَا بَطْنًا إِلَّا مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْرًا، غَرَّارَةٌ، غُرُورٌ مَا فِيهَا، لَا خَيْرَ فِي شَيْءٍ مِنْ زَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى، مَنْ قَلَّلَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤَمِّنُهُ، وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَدُمْ لَهُ وَلَمْ يَدُمْ لَهَا.
  كَمْ وَاثِقٍ بِهَا وَمُطْمَئِنٍّ إِلَيْهَا قَدْ خَدَعَتْهُ، وَذِي تَاجٍ مِنْهَا قَدْ أَكَبَّتْهُ لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ.
  سُلْطَانُهَا دُوَلٌ، وَصَفْوُهَا كَدَرٌ، وَحَيُّهَا بِعَرْضِ مَوْتٍ، وَأَمْنُهَا بِعَرْضِ خَوْفٍ، وَمُلْكُهَا مَسْلُوبٌ، وَجَارُهَا مَحْزُونٌ، وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَزَفْرَتُهُ، وَهَوْلُ الْمَطْلَعِ، وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَي الْحَكَمِ الْعَدْلِ، فَهُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ، وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ، وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ، فَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى.
= والخمول ص ٢٥٤، والطبراني في الكبير ٢٤/ ١٥٦، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٥/ ٥٥٢ وعن نعيم الغطفاني رواه ابن عدي في الكامل ٥/ ١٧٦ والذهبي في التذكرة ٣/ ١١.