الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك
  محمد، عن النضر بن يزيد، عن أبي المليح الرَّقِي(١) قال:
  وُجِدَ عَلَى دَيْرٍ مَكْتُوبًا: [الطويل]
  أَيَا مَنْزِلًا بِالدَّيْرِ أَصْبَحَ دَاثِرًا ... تَلَاعَبَ فِيهِ شَمْأَلٌ وَدَبُورُ
  كَأَنَّكَ لَمْ تَسْكُنْكَ بِيضٌ أَوَانِسُ ... وَلَمْ تَتَبَخْتَرْ فِي فِنَائِكَ حُورُ
  وَأَوْلَادُ أَمْلَاكٍ بَهَالِيلُ سَادَةٌ ... صَغِيرُهُمْ عِنْدَ الْأَنَامِ كَبِيرُ
  ٣٤٦ - وبه قال: أخبرنا أبي |، قال: أخبرنا عبدالله بن أحمد بن سلَّام، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن سليمان(٢)، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، قال: حدثنا حسين بن عُلْوان الكلبي، عن سعد بن طَرِيف، عن الأَصْبَغ بن نُباتَةَ قال: خطب أمير المؤمنين علي #، فقال:
  (عِبَادَ اللهِ؛ الْمَوْتُ لَيْسَ مِنْهُ فَوْتٌ، إِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ فَرَرْتُمْ أَدْرَكَكُمْ، الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيكُمْ، الْوَحَا الْوحَا(٣)، النَّجَا النَّجَا، وَرَاءَكُمْ طَالِبٌ حَثِيثٌ، الْقَبْرُ؛ فَاذْكُرُوا ضِيقَهُ وَضَنَكَهُ وَظُلْمَتَهُ، أَلَا وَإِنَّ الْقَبْرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.
  أَلَا وَإِنَّ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ يَوْمًا تَذْهَلُ فِيهِ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرى النَّاسَ سُكَارَى وَمَاهُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ.
  أَلَا وَإِنَّ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَنَارًا حَرُّهَا شَدِيدٌ، وَقَعْرُهَا عَمِيقٌ وَحِلْيَةُ أَهْلِهَا فِيهَا حَدِيدٌ، لَيْسَ للهِ فِيهَا رَحْمَةٌ).
  قَالَ: فَبَكَى الْمُسْلِمُونَ حَوْلَ الْمِنْبَرِ حَتَّى اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمْ. فَقَالَ:
  (أَلَا وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ
(١) رواه أبو الفرج الأصبهاني في الديارات صفحة ١٢ - ١٣، وأبو عبيد البكري في معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع ٢/ ٥٨١، وأبو حيّان التوحيدي في البصائر والذخائر ٨/ ١٠٥، والحسن اليوسي في زهر الأكم في الأمثال والحكم ١/ ١٣٥، وغيرهم.
(٢) هذا هو الذي أشرنا إليه فيما تقدم وهو إبراهيم بن سليمان النهمي الكوفي.
(٣) الإسراع. (هامش نسخة الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #).